responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية نویسنده : الخادمي، محمد    جلد : 1  صفحه : 27
دَعْوَةُ الشَّيْطَانِ مَقْصُورَةً لِاتِّبَاعِهِ وَشِيعَتِهِ وَكَانَتْ دَعَوْته رَاجِعَةً إلَى السَّعِيرِ فَالْوَاجِبُ التَّحَفُّظُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَوْلِيَائِهِ وَجُنُودِهِ وَاتِّخَاذُهُ عَدُوًّا وَذَلِكَ قَوْلُهُ {فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا} [فاطر: 6] فَإِنَّ الْعَدُوَّ لَا يَدْعُو عَدُوَّهُ بَلْ الدَّعْوَةُ إنَّمَا تَكُونُ بَيْنَ الْمُتَحَابِّينَ وَلَوْ دَعَا لَا يُجِيبُ وَلَا يَمْتَثِلُ وَالتَّحَفُّظُ لَا يُمْكِنُ إلَّا بِالْفِرَارِ إلَى اللَّهِ فَفَرُّوا إلَى اللَّهِ بِالتَّعَوُّذِ وَبِالْمُسَارَعَةِ إلَى مَا فِيهِ مَغْفِرَةُ اللَّهِ {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [آل عمران: 133] لَا سِيَّمَا الْمُدَاوَمَةِ عَلَى ذِكْرِ اللَّهِ.
وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ «إنَّ الشَّيْطَانَ وَاضِعٌ خُرْطُومَهُ عَلَى قَلْبِ ابْنِ آدَمَ فَإِنْ ذَكَرَ اللَّهَ خَنَسَ وَإِنْ نَسِيَ الْتَقَمَ قَلْبَهُ» وَعَنْ مُجَاهِدٍ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى {مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ} [الناس: 4] أَنَّهُ قَالَ هُوَ مُنْبَسِطٌ عَلَى قَلْبِ الْإِنْسَانِ فَإِذَا ذَكَرَ اللَّهَ خَنَسَ وَانْقَبَضَ وَإِذَا غَفَلَ انْبَسَطَ عَلَى قَلْبِهِ.
قَالَ تَعَالَى {اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ} [المجادلة: 19]
- (فَإِنَّهُ كَلْبٌ مُبِيرٌ) أَيْ مُهْلِكٌ مِنْ قَبِيلِ التَّشْبِيهِ الْبَلِيغِ أَيْ كَكَلْبٍ مُبِيرٍ فَيَنْدَفِعُ مَا يُتَوَهَّمُ الْكَلْبُ مُؤَثِّرٌ فِي إهْلَاكِهِ وَالشَّيْطَانُ لَيْسَ مُؤَثِّرًا لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ مُوَسْوِسٍ إذْ لَا يَلْزَمُ اتِّحَادُ الْمُشَبَّهِ وَالْمُشَبَّهِ بِهِ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ وَأَكْثَرُ تَسَلُّطِهِ فِي خِيَارِ الْأَعْمَالِ سِيَّمَا الصَّلَاةَ.
«وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ وَسْوَسَةِ الصَّلَاةِ فَقَالَ ذَلِكَ الشَّيْطَانُ يُقَالُ لَهُ خَنْزَبٌ إذَا أَحْسَسْت بِهِ فَتَعَوَّذْ بِاَللَّهِ مِنْهُ وَاتْفُلْ عَنْ يَسَارِك ثَلَاثًا قَالَ فَفَعَلْت ذَلِكَ فَأَذْهَبَهُ اللَّهُ عَنِّي» وَيُقَالُ سِلَاحُ الْمُؤْمِنِ عَلَى الشَّيْطَانِ سِتَّةٌ الِاسْتِعَاذَةُ وَكَلِمَةُ الشَّهَادَةِ وَالْبَسْمَلَةُ وَتَرْكُ الطَّمَعِ وَتَرْكُ الْأَمَلِ وَتَرْكُ الدُّنْيَا.
وَرُوِيَ أَنَّ قَوْمًا حِينَ شَكَوْا إلَى الْحَسَنِ مِنْ الشَّيْطَانِ قَالَ إنَّهُ خَرَجَ مِنْ عِنْدِي الْآنَ وَيَشْكُو مِنْكُمْ وَقَالَ قُلْ لِلنَّاسِ دَعُوا دُنْيَايَ حَتَّى أَدَعَ دِينَهُمْ ثُمَّ رَبَطَ قَوْلَهُ فَإِنَّهُ كَلْبٌ يَعْنِي لَا تَغْتَرُّوا بِمَا زَيِّنَّ الشَّيْطَانُ وَلَا تَذْهَلُوا عَنْ مَكَايِدِهِ حَتَّى لَا تُجِيبُوا دَعَوْتَهُ فَخُذُوا أَسْلِحَتَكُمْ خَائِفِينَ مِنْ عَدُوِّكُمْ فَإِنَّ عَدُوَّكُمْ كَلْبٌ مُهْلِكٌ فَيُهْلِكُكُمْ بِلَا خِبْرَةٍ مِنْكُمْ (فَغَايَةُ بُغْيَتِهِ) أَيْ نِهَايَةُ مَطْلُوبِهِ وَمُعْظَمُهُ (سَلْبُ الْإِيمَانِ) الظَّاهِرُ تَعْلِيلِيَّةٌ لِمَا قَبْلَهَا أَيْ لَا بِتَأْثِيرٍ بَلْ بِتَشْوِيشِ الْعَقَائِدِ الزَّائِغَةِ وَتَحْسِينِ أَلْفَاظِ الْكُفْرِ وَأَفْعَالِ الِارْتِدَادِ لَا سِيَّمَا عِنْدَ السَّكَرَاتِ وَضَعْفِ الْعَقْلِ بِالشَّدَائِدِ وَالْكُرُبَاتِ لِأَنَّهُ آخِرُ فُرْصَتِهِ لَا يُقْبَلُ التَّدَارُكُ بَعْدَهَا الْعِيَاذُ بِهِ تَعَالَى كَمَا فِي تَذْكِرَةِ الْقُرْطُبِيِّ «يَجِيءُ شَيْطَانٌ عَنْ الْيَمِينِ وَيُحَسِّنُ دِينَ الْيَهُودِ وَيُظْهِرُ شَفَقَةَ الْأُبُوَّةِ وَيُقَدِّمُ بِقَبُولِهِ فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ فَيَجِيءُ شَيْطَانٌ آخَرُ عَنْ يَسَارِهِ عَلَى صُورَةِ أُمِّهِ وَيُحَسِّنُ دِينَ النَّصَارَى كَذَلِكَ» .
وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ «يَقْدَحُ مَاءً بَارِدًا قَائِلًا إنْ أَجَبْتَنِي بِشَيْءٍ مِمَّا يُوجِبُ الْكُفْرَ أُعْطِك» فَاَلَّذِي أَحْكَمَ إيمَانَهُ بِالِاسْتِدْلَالِ وَلَمْ يَقْنَعْ بِمُجَرَّدِ التَّقْلِيدِ وَحَصَّنَهُ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ يُثَبِّتُهُ اللَّهُ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ وَقَدْ قُرِّرَ أَنَّ لِلْأَعْمَالِ إعَانَةً قَوِيَّةً فِي رُسُوخِ الْكَيْفِيَّاتِ النَّفْسَانِيَّةِ الَّتِي مِنْهَا الْإِيمَانُ وَلِهَذَا كَانَ أَكْثَرُ تَسَلُّطِ الشَّيْطَانِ لِصُلَحَاءِ الْإِنْسَانِ كَمَا فِي قِصَّةِ بَرْصِيصٍ.

(وَالْخُلُودُ الدَّائِمُ) الْأَظْهَرُ أَنَّ الْخُلُودَ بِمَعْنَى الدَّوَامِ الْغَيْرِ الْمُتَنَاهِي وَلَعَلَّ الْمَقْصُودَ هُوَ الْمُبَالَغَةُ فِي الدَّوَامِ كَأَنْ يُقَالَ دَوَامٌ دَائِمٌ فَيَقْرَبُ إلَى الْحَقِّ مَا يُقَالُ تَأْكِيدٌ لَفْظِيٌّ لَهُ وَلَا يَبْعُدُ مَا يُقَالُ الْخُلُودُ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ لَيْسَ بِمَعْنَى الدَّوَامِ بَلْ عِنْدَ هُمْ بِمَعْنَى الْمُكْثِ الطَّوِيلِ دَوَامًا أَوَّلًا (فِي النِّيرَانِ) .
وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ غَايَةُ مَطْلُوبِهِ مِنْ الْإِنْسَانِ وَهُوَ يَلُومُ وَيَتَبَرَّأُ مِنْ الْإِنْسَانِ فِي النِّيرَانِ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ مُقَاتِلٍ يُوضَعُ لَهُ مِنْبَرٌ فِي النَّارِ فَيَجْتَمِعُ عَلَيْهِ أَهْلُ النَّارِ لَائِمِينَ وَمُقَرِّعِينَ إيَّاهُ بِأَنَّ مَا مَسَّنَا مِنْ الْعَذَابِ لَيْسَ إلَّا مِنْك فَيَقُولُ لَسْت أَنَا بِجَابِرٍ وَلَيْسَ لِي وِلَايَةٌ عَلَيْكُمْ أَمَا تُلِيَتْ عَلَيْكُمْ الْآيَاتُ الْقَطْعِيَّةُ أَلَمِ تُنْذَرُوا بِالْمُعْجِزَاتِ الْبَاهِرَاتِ وَلَيْسَ حَالِي إلَّا الدُّعَاءَ وَالْوَسْوَسَةَ فَالْوَاجِبُ عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَلْتَفِتُوا إلَى دَعْوَتِي وَحِيَلِي جَنْبَ الدَّلَائِلِ الْيَقِينِيَّةِ وَلَا تَلُومُوا إلَّا أَنْفُسَكُمْ بِإِجَابَتِي بِلَا حُجَّةٍ {إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِي مِنْ قَبْلُ} [إبراهيم: 22] يَعْنِي أَنَا بَرِيءٌ مِنْكُمْ وَمِمَّا اعْتَقَدْتُمْ.

(ثُمَّ الْفِسْقُ) يَعْنِي إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى سَلْبِ الْإِيمَانِ فَيَرْضَى وَيَتَنَزَّلُ إلَى الْفِسْقِ وَهُوَ الْخُرُوجُ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى مَعَ بَقَاءِ الْإِيمَانِ بِارْتِكَابِ الْكَبِيرَةِ أَوْ بِإِصْرَارِ الصَّغِيرَةِ وَلِلْفِسْقِ طَبَقَاتٌ ثَلَاثٌ التَّغَابِي بِارْتِكَابِهَا أَحْيَانًا مُسْتَقْبِحًا لَهَا وَالِانْهِمَاكُ فِي تَعَاطِيهَا وَالْمُثَابَرَةُ عَلَيْهَا مَعَ جُحُودِ قُبْحِهَا وَالثَّالِثُ مِنْ الْكُفْرِ فَالْمُرَادُ الْأَوَّلَانِ (الظَّاهِرُ)

نام کتاب : بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية نویسنده : الخادمي، محمد    جلد : 1  صفحه : 27
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست