responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية نویسنده : الخادمي، محمد    جلد : 1  صفحه : 269
تَوَكُّلَهُمْ وَاعْتِمَادَهُمْ عَلَى رَبِّهِمْ الَّذِي رَبَّاهُمْ بِالْإِيجَادِ وَسَائِرِ الْكَمَالَاتِ فَكَانَ تَصَرُّفُهُمْ بِيَدِهِ فَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى شَرَفِ التَّوَكُّلِ وَقُوَّةِ أَثَرِهِ يَعْنِي إنَّمَا لَمْ يَفْعَلُوا نَحْوَ مَا ذُكِرَ لِكَمَالِ تَوَكُّلِهِمْ عَلَيْهِ تَعَالَى فَقَرِيبٌ أَنَّ مِنْ عَطْفِ الْعِلَّةِ عَلَى الْمَعْلُولِ، وَالْمُتَبَادِرُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى أَنَّ حَالَهُمْ فِي جَمِيعِ الْأُمُورِ، وَالْأَشْيَاءِ قَصْرُ التَّوَكُّلِ عَلَى رَبِّهِمْ وَمَا ذُكِرَ هَاهُنَا بَعْضٌ مِنْ تَنَاوُلَاتِهِ فَيَلْتَزِمُونَ الْإِعْرَاضَ عَنْ جَمِيعِ الْأَسْبَابِ غَيْرِهِ تَعَالَى فَإِنَّهُ هُوَ الْمَانِعُ الدَّافِعُ، وَالضَّارُّ النَّافِعُ لَا غَيْرُ فَيَقْصُرُونَ نَظَرَهُمْ إلَى طَاعَاتِ اللَّهِ وَمُلَاحَظَةِ جَلَالِهِ وَيَسْتَغْرِقُونَ فِي أَنْوَارِ عَالَمِ الْقُدُسِ، وَالْمَلَكُوتِ فَإِنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْمُجَازَاةِ الْعَلِيَّةِ لَا يَتَحَصَّلُ بِسُهُولَةٍ فَإِنَّ الْأَجْرَ عَلَى قَدْرِ التَّعَبِ عَادَةً نَعَمْ سَاحَةُ الْفَضْلِ، وَالْكَرَمِ لَا نِهَايَةَ لَهَا أَوْ نَقُولُ فِيمَا عُدَّ هُنَا تَذْكِيرًا لِمَا عَدَاهُ فَإِنَّ مَا ذُكِرَ إنَّمَا وَقَعَ تَمْثِيلًا أَوْ اكْتِفَاءً وَدَلَالَةً لَا حَصْرًا نَعَمْ إنَّهُ قَدْ سَبَقَ أَنَّ الْعَمَلَ الْقَلِيلَ قَدْ يَكُونُ وَسِيلَةً إلَى الْأَجْرِ الْجَزِيلِ {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ} [المائدة: 54] وَقَدْ سَبَقَ أَيْضًا أَنَّ النُّصُوصَ مَحْمُولَةٌ عَلَى ظَوَاهِرِهَا وَأَنَّ كُلَّ أَمْرٍ مُمْكِنٍ أَخْبَرَ بِهِ الشَّارِعُ لَا يُعْدَلُ عَنْهُ هَذَا لَكِنْ يَشْكُلُ بِوُقُوعِ الْكَيِّ فِي الصَّحَابَةِ بِأَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبِالطِّبِّ كُلِّهِ، وَالرُّقْيَةِ النَّبَوِيَّةِ فَتَأَمَّلْ، وَانْظُرْ.
«فَقَامَ عُكَّاشَةُ» بْنُ مِحْصَنٍ الْأَسَدِيُّ مِنْ فُضَلَاءِ الصَّحَابَةِ «فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اُدْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ» لَا بُدَّ مِنْ تَفْرِيقِ الدُّعَاءِ مِنْ التَّعَوُّذِ الَّذِي هُوَ دُعَاءٌ مَخْصُوصٌ بَلْ ظَاهِرُ مُطْلَقِ الدُّعَاءِ كَالْمُنَافِي لِكَمَالِ التَّوَكُّلِ فَالِاسْتِدْعَاءُ مِنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَنَفْسِ الدُّعَاءِ مُشْكِلٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ وَبَيْنَ الْعَادِيَّةِ، وَالْبَدَنِيَّةِ بَعِيدٌ، وَالْجَوَابُ بِأَنَّ مُنَافَاةَ التَّوَكُّلِ عِنْدَ عَدَمِ مَعْرِفَةِ السَّبَبِ مِنْهُ تَعَالَى.
وَأَمَّا عِنْدَ الِاعْتِرَافِ فَمِنْ التَّوَكُّلِ وَأَنَّ الْمُنَافَاةَ فِي التَّعَمُّقِ فِي الْأَسْبَابِ لَا فِي الْإِطْلَاقِ لَا تُغْنِي حَقَّ الْغَنَاءِ إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ دُعَاءِ النَّبِيِّ وَغَيْرِهِ إذْ دُعَاءُ النَّبِيِّ لَا يُرَدُّ فَمِنْ الْقَطْعِيِّ فَتَأَمَّلْ «فَقَالَ اللَّهُمَّ: اجْعَلْهُ مِنْهُمْ فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ اُدْعُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَبَقَك بِهَا» بِهَذِهِ الْفِعْلَةِ أَوْ الْخَصْلَةِ «عُكَّاشَةُ» كَانَ هَذَا مِنْ قَبِيلِ الْأَحْكَمِ أَيْ أُسْلُوبِ الْحَكِيمِ إذْ هُوَ تَلَقٍّ بِغَيْرِ مَا يُتَرَقَّبُ وَيُتَطَلَّبُ. قِيلَ فِي إخْرَاجِ الْكَلَامِ عَلَى خِلَافِ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ لِعَدَمِ إذْنٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ لِكَوْنِ السَّائِلِ مِنْ الْمُنَافِقِينَ.
أَقُولُ لَعَلَّ الْأَوْجَهَ عَدَمُ تَحَمُّلِ حَالِ هَذَا السَّائِلِ عَلَى هَذَا الدُّعَاءِ لِكَوْنِهِ مِنْ الْعَوَامّ وَيُؤَيِّدُهُ عَدَمُ التَّصْرِيحِ بِاسْمِهِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ أَوْ؛ لِأَنَّ سُؤَالَهُ بِمُجَرَّدِ قَرِيحَتِهِ، وَالثَّانِي بِمُقَايَسَتِهِ عَلَى الْأَوَّلِ وَاقْتِدَائِهِ وَمُتَابَعَتِهِ أَوْ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَرَفَ مِنْ الثَّانِي عَدَمَ صِدْقِ رَغْبَتِهِ بَلْ بِمُجَرَّدِ لَفْظِهِ وَظَاهِرِهِ، وَعَرَفَ مِنْ الْأَوَّلِ صَفَاءَ بَاطِنِهِ، وَسَلَامَةَ صَدْرِهِ كَمَا حُكِيَ عَنْ عَبْدِ الْقَادِرِ الْكِيلَانِيِّ مَا وَصَلْت إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِقِيَامِ لَيْلٍ وَلَا صِيَامِ نَهَارٍ وَلَا دِرَاسَةِ عِلْمٍ وَلَكِنْ وَصَلْت إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالْكَرَمِ، وَالتَّوَاضُعِ وَسَلَامَةِ الصَّدْرِ.
(وَصَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُتَوَكِّلِينَ بِتَرْكِ الْكَيِّ، وَالرُّقْيَةِ، وَالتَّطَيُّرِ وَأَقْوَاهَا الْكَيُّ) فَإِنَّهُ قَرِيبٌ إلَى مُجَانَسَةِ الطِّبِّ الَّذِي هُوَ مِنْ الظَّنِّيِّ فَهُوَ أَقْوَى الْأَسْبَابِ الْوَهْمِيَّةِ خِلَافًا لِمَنْ وَهِمَ فِي أَهَمِّيَّةِ التَّرْكِ (ثُمَّ الرُّقْيَةُ) وَمِنْ ثَمَّةَ كَانَتْ جَائِزَةً فِي نَفْسِهَا وَوَرَدَ بِهَا آثَارٌ (وَالطِّيَرَةُ آخِرُ دَرَجَاتِهَا) وَلِهَذَا كَانَ مَمْنُوعًا فِي الشَّرْعِ (وَالِاعْتِمَادُ عَلَيْهَا) عَلَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ.
(وَالِاتِّكَالُ إلَيْهَا) وَإِنْ اعْتَقَدَ التَّأْثِيرَ الْحَقِيقِيَّ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى (غَايَةُ التَّعَمُّقِ فِي مُلَاحَظَةِ الْأَسْبَابِ) الظَّاهِرَةِ الْعَادِيَّةِ فَلَيْسَ بِمَمْدُوحٍ بَلْ تَرْكُهُ أَوْلَى يُمْكِنُ فَهْمُ هَذَا التَّرْتِيبِ مِنْ تَرْتِيبِ الْحَدِيثِ إمَّا مِنْ لَفْظَةِ الْوَاوِ كَمَا نُقِلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَنُسِبَ إلَى أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ مَجَازًا عِنْدَنَا أَوْ مِنْ قَبِيلِ دَلَالَةِ التَّرْتِيبِ فِي الذِّكْرِ عَلَى التَّرْتِيبِ فِي الْوَاقِعِ كَمَا فِي آيَةِ الْوُضُوءِ عَلَى سُنِّيَّةِ التَّرْتِيبِ ثُمَّ التَّعَمُّقُ مُنَاقِضٌ لِلتَّوَكُّلِ فَحَاصِلُ الْمَقَامِ التَّشَبُّثُ بِالْأَسْبَابِ الْوَهْمِيَّةِ تَعَمُّقٌ، وَالتَّعَمُّقُ مُنَاقِضٌ لِلتَّوَكُّلِ هَذَا لَكِنْ يَسْبِقُ إلَى الْخَاطِرِ الْفَاتِرِ إنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْ السَّبَبِ الْوَهْمِيِّ مَا يَكُونُ سَبَبًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَيَكُونُ ضَعِيفًا أَوْ يَكُونُ تَأْثِيرُهُ نَادِرًا فَالطِّيَرَةُ لَيْسَتْ كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ مَا ذَكَرَهُ

نام کتاب : بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية نویسنده : الخادمي، محمد    جلد : 1  صفحه : 269
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست