responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية نویسنده : الخادمي، محمد    جلد : 1  صفحه : 16
دَائِمًا لِأَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّف مَا يَكُونُ فَانِيًا فِي وَقْتٍ مَا كَالْقِيَامَةِ فَمِثْلُ ذَلِكَ وَإِنْ صَحَّ فِي ذَاتِهِ لَكِنْ لَا يَصِحُّ هُنَا فِي إرَادَتِهِ.
أَمَّا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ فِي فَنَاءِ الدُّنْيَا فَكُلُّ مَا وَقَعَ مِنْ وُقُوعِ الْقِيَامَةِ وَحَشْرِ الْأَجْسَادِ وَنَحْوِهِمَا. (سَرِيعَةُ الزَّوَال) كَأَنَّهُ بَيَانٌ لِلْفَنَاءِ أَوْ تَعْلِيلٌ لَهُ أَوْ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ وَقْتَ الْفَنَاءِ وَجَوَابٌ عَلَى طَرِيقِ أُسْلُوبِ الْحَكِيمِ إذْ الْكَلَام لِلسَّائِلِ مَعْرِفَةٌ شَرْعِيَّةٌ لَا مَعْرِفَةُ الْحَدِّ الْمُعَيَّنِ لِأَنَّهُ مِنْ الْأَسْرَارِ الْمَكْتُومَةِ وَقَوْلُهُ (وَالْخَرَابُ) دَاخِلٌ فِي حُكْمِ مَا سَبَقَ مِنْ الْوُجُوهِ وَلَا يَبْعُدُ أَنَّ الزَّوَالَ بِالنِّسْبَةِ إلَى نَفْسِ الْأَشْخَاصِ، وَالْخَرَابَ بِالنِّسْبَةِ إلَى نَفْسِ الدُّنْيَا، أَوْ الْأَوَّلَ إلَى نِعَمِهَا وَالثَّانِيَ إلَى أَشْخَاصِهَا وَنَفْسِهَا ثُمَّ إنْ كَانَتْ كَذَلِكَ فَلَا يَكُونُ مِلْكًا لِأَحَدٍ بَلْ عَارِيَّةً لِكُلِّ وَاحِدٍ وَوُجُودُهَا مَجَازِيَّةٌ صُورِيَّةٌ فَاعْتِمَادُهَا ضَلَالٌ وَرُكُونُهَا وِزْرٌ وَوَبَالٌ لِأَنَّ خُلُودَهَا أَمْرٌ مُحَالٌ (عِزُّهَا) أَيْ الشَّرَفُ وَالْعِزَّةُ الْحَاصِلَةُ فِيهَا نَحْوُ الْجَاهِ وَالْحَشَمِ وَالْأَمْوَالِ (ذُلٌّ) مِنْ الذَّلِيلِ أَيْ فِي الْحَقِيقَةِ أَوْ فِي الْعَاقِبَةِ لِأَنَّ سَبَبَ تَحْصِيلِهَا يُضَيِّعُ الْعُمُرَ الْعَزِيزَ الَّذِي خُلِقَ لِلْعِبَادَةِ وَكَسْبِ الصَّالِحَاتِ بَلْ بِسَبَبِهَا يُرْتَكَبُ الْقَبَائِحُ وَالسَّيِّئَاتُ وَلِهَذَا قَالَ (وَنِعَمُهَا) جَمْعُ نِعْمَةٍ (نِقَمٌ) بِالْقَافِ جَمْعُ نِقْمَةٍ بِمَعْنَى الْمِحْنَةِ الَّتِي تَنْفِرُ عَنْهَا الطَّبَائِعُ لِأَنَّهَا إمَّا مُوجِبٌ لِلْعَذَابِ وَلَا أَدْنَى مِنْ الْحِسَابِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ هَلَكَ»
وَأَنَّ مَا جُمِعَ مِنْ الدُّنْيَا سَيَنْتَقِلُ إلَى الْغَيْرِ فَيَكُونُ الْجَامِعُ أَسِيرًا لِلْغَيْرِ وَخَدِيمَهُ فَالْعَاقِلُ يَخْتَارُ مَا يَبْقَى عَلَى مَا يَفْنَى (وَشَرَابُهَا) أَيْ مَشْرُوبَاتُهَا كَالْمَاءِ وَسَائِرِ الْأَشْرِبَةِ اللَّذِيذَةِ (سَرَابٌ) يُرَى مِنْ بَعِيدٍ عَلَى صُورَةِ مَاءٍ وَلَوْ قُرِّبَ بِهِ لَعُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ، كَذَلِكَ الدُّنْيَا بِالنَّظَرِ الْأَوَّلِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ نَظَرُ الْحَمْقَاءِ تُرَى شَيْئًا يَسْتَرِيحُ بِهِ النَّفْسُ وَلَوْ اطَّلَعَ عَلَى حَقِيقَتِهَا بِتَوْفِيقِ اللَّهِ تَعَالَى لَعَلِمَ أَنَّهَا عَدِيمٌ لَا أَصْلَ لَهَا مِنْ قَبِيلِ الْأَشْبَاحِ وَالظِّلَالِ عَلَى مَا يُشَارُ إلَيْهِ مِنْ قَوْله تَعَالَى {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُ} [القصص: 88]-

{وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ} [العنكبوت: 64] لِتَأَخُّرِهَا عَنْ الدُّنْيَا فِي التَّعْبِيرِ بِلَفْظِ الدَّارِ دُونَ الدُّنْيَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الدَّارَ هِيَ الْآخِرَةُ فَقَطْ لِأَنَّ الدُّنْيَا لَيْسَتْ بِدَارٍ لِأَنَّهَا مَعَ وُجُودِهَا الصُّورِيِّ سَرِيعَةُ الزَّوَالِ {لَهِيَ الْحَيَوَانُ} [العنكبوت: 64] بِفَتْحِ الْيَاءِ الْحَيَاةُ الْأَبَدِيَّةُ وَجْهُ الْحَصْرِ مَعَ لَامِ التَّأْكِيدِ فِي خَبَرِ إنَّ لِرَدِّ مَنْ أَنْكَرَ الْآخِرَةَ أَوْ بَقَاءَهَا كَالْمُشْرِكِينَ وَالْحُكَمَاءِ وَبَعْضِ الْمُتَكَلِّمِينَ أَوْ لِأَمَارَةِ الْإِنْكَارِ مِنْ صُورَةِ الْمُسْتَغْرِقِينَ بِالدُّنْيَا وَإِنْ أَقَرُّوا فَيَنْزِلُ الْعَالِمُ مَنْزِلَةَ الْجَاهِلِ بَلْ الْمُنْكِرِ لِعَدَمِ جَرَيَانِهِ عَلَى مُوجِبِ عِلْمِهِ كَقَوْلِك لِمَنْ يُصَلِّي مَعَ عِلْمِهِ بِهَا إنَّ الصَّلَاةَ فَرِيضَةٌ.
وَيَنْبَغِي أَنْ يُرَادَ بِهَا الْجَنَّةُ لَا الْمُطْلَقُ وَإِلَّا لَا يَسْتَقِيمُ قَوْله تَعَالَى {أُعِدَّتْ} [آل عمران: 133] أَيْ هُيِّئَتْ فِيمَا مَضَى لِأَنَّهَا مَخْلُوقَةٌ الْآنَ وَإِنْ كَانَ الْأَصَحُّ عَدَمُ مَعْلُومِيَّةِ مَحِلِّهَا {لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 133] الَّذِينَ حَفِظُوا أَنْفُسَهُمْ عَنْ مُخَالَفَةِ رَبِّهِمْ وَلِلتَّقْوَى مَرَاتِبُ: وِقَايَةُ الْكُفْرِ لِلْعَوَامِّ، وَالْمَعَاصِي لِلْخَوَاصِّ، وَعَمَّا سِوَى اللَّهِ لِأَخَصِّ الْخَوَاصِّ. وَالْجَنَّةُ عَلَى مَرَاتِبِهِمْ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اُدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِي وَاقْتَسِمُوهَا عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِكُمْ» فَالْعَاقِلُ لَا يَقْنَعُ بِالْقَلِيلِ مَعَ إمْكَانِ الْقَدْرِ الْجَلِيلِ فَإِنَّ الْمُنْتَهَى فِي التَّقْوَى مُنْتَهًى فِي الْأَكْرَمِيَّةِ الْأَعْلَى كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْله تَعَالَى - {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13]- عَلَى أَنَّ مَنْ يَرْضَى أَنْ يَكُونَ مَعَ الْخَوَالِفِ عَنْ فُرْسَانِ هَذَا الْمَيْدَانِ بِأَنْ يَكْتَفِيَ بِمُجَرَّدِ الْإِيمَانِ قَلَّمَا يَخْلُو عَنْ خَطَرِ زَوَالِ الْإِيمَانِ وَلَوْ يُسِّرَ لَهُ الْجِنَانُ لَا يَخْلُو مِنْ قَهْرٍ وَعُقُوبَةٍ مِنْ الدَّيَّانِ فَالْوَاجِبُ دِقَّةُ النَّظَرِ فِي اسْتِحْصَالِ دَقَائِقِ التَّقْوَى وَاسْتِحْضَارِ حَقَائِقِهَا بِتَطْهِيرِ الْقَلْبِ عَمَّا سِوَى اللَّهِ وَتَنْقِيحِ الْجَوَارِحِ عَمَّا يُوجِبُ سَخَطَ اللَّهِ وَوَزْنِ جَمِيعِ الْأَفْعَالِ بِمِيزَانِ اللَّهِ لِيَلِيقَ بِجِنَانِ اللَّهِ.
(مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ) وَهُمْ الَّذِينَ جَمَعُوا الْإِيمَانَ مَعَ الصَّالِحَاتِ فَيَنْدَفِعُ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْقُيُودِ احْتِرَازٌ فَيَلْزَمُ أَنْ يُوجَدَ الِاتِّقَاءُ بِلَا إيمَانٍ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ الْمُرَادُ مِنْ لَفْظِ الْمُتَّقِينَ غَيْرَ الْأَوَّلِ مِنْ التَّقْوَى وَيَكُونُ إشَارَةً إلَى أَنَّ تَحَقُّقَ التَّهَيُّؤِ الْمَفْهُومِ مِنْ لَفْظِ الْمَاضِي إنَّمَا هُوَ لِصَاحِبِ الْأُخْرَيَيْنِ وَالْأَوَّلُ

نام کتاب : بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية نویسنده : الخادمي، محمد    جلد : 1  صفحه : 16
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست