نام کتاب : اللطائف نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 22
جُنونَكَ مَجنونٌ وَلَستُ بِواجِدٍ ... طَبِيباً يُداوي مِن جُنونٍ جُنوني
الفصل السادس والثلاثون
الحذر من النفاق
أصدق في باطنك ترى ما تحب في ظاهرك، رش سهم عملك بريش إخلاصك في مقصدك تصب هدف الأمل. واعجبا!! قوسك مكسورة بالزلل، ووترك مقطوع بالكسل، فكيف تناول صدر الغرض؟ إذا أردت العلو فارتق درج التقوى، وإن شئت العز فضع جبهة التواضع، وإن آثرت الرياسة فارفع قواعد الإخلاص، فوالله ما تحصل المناصب بالمنى.
فَدينارُ المُبَهَرَجِ وَإِن نَفَقَ مَردودُ ... وَقَد يَتزَيا بِالهوى غَيرُ أَهلِهِ
إذا نزلت عن مطية الإخلاص، مشيت في حسك التعثر، فتقطعت قدم القصد، ن ولم ينقطع المنزل، الرياء أصل النفاق، نفاق المنافقين صير المسجد مزبلة، فقال المنزه (لا تَقُم فيهِ) وإخلاص المخلصين رفع قدر الوسخ (رب أشعث أغبر) .
إذا هبت زعازع المنافقة لم تضر شجرة الإخلاص، لأن أصلها ثابت، فأما شجرة الرياء فعند نسيم (وَقِدمِنا إِلى ما عَمِلوا مِن عَمل) اجتثت من فوق الأرض.
لا تنظر إلى جولة الباطل، وارتقب دولة الحق، إذا رأيت منافقا قد تبع فتذكر " الدجال " غدا، و " السامري " بالأمس، وانتظر للسامري (لا مَساس) وَللأَلد باب لد.
شجرة الصنوبر تثمر في ثلاثين سنة، وشجرة الدباء تصعد في أسبوعين، فتدرك الصنوبر فتقول " شجرة الدباء: إن الطريق التي قطعت في ثلاثين سنة قد قطعتها في أسبوعين، فيقال لك شجرة ولي شجرة!! فتجيبها: مهلا إلى أن تهب ريحب الخريف.
وكم من متشبه بالصالحين في تخشعه ولباسه، وأفواه القلوب تنفر من طعم مذاقه (وَهُم يَحسَبون أَنهُم يُحسِنونَ صُنعاً) .
في ظلمة الليل يتشبه الشجر بالرجال، فإذا طلع الفجر بان الفرق. في وقت الضحى يتمثل السراب بالماء، فمن قرب منه لم يجده شيئا. واأسفا: ما أكثر الزور.
أَما الخِيامُ فَإِنّها كَخيامِهِم ... وَأَرى نِساءَ الحَيِّ غَيرَ نِسائِهِ
تراهم كالنخل، وما تدري ما الدخل.
أيها المرائي: قلب من ترائيه بيد من تعصيه؟؟ لا تنقش على الدرهم الزائف اسم الملك، فما كل سوداء تمرة، ولا يتبهرج الشحم بالورم.
؟ الفصل؟ السابع والثلاثون مجلس التوبة
مجلس الذكر مأتم الأحزان، هذا يبكي لذنوبه، وهذا يندب لعيوبه، وهذا على فوت مطلوبه، وهذا الإعراض محبوبه.
يَتَشاكى الواجِدونَ جَوىَّ ... واحِِداً وَالوَجدُ أَلوانُ
أتدرونن هذا التائب لم أنّ؟ وهذا الحزن كيف حنَّ؟ ن ذكر عهدا كان قد صفا ثم تكدر، فأنزعج لحال حال وتغير.
مَنازِلٌ كُنتُ تَهواها وَتَألَفَها ... أًيامَ أَنتَ عَلى الأيامِ مَنصورُ
من سمع نوح الحمام ظن أنه لحسن صوته غنى بل لما ذكر من ماضي العيش.
وَإِذا الغَريبُ صَبا إِلى أَوطانِهِ ... شَوقاً فَمعناهُ إِلى أَحبابِهِ
إنما يبكي المذنب على ديار قد عمرها بالتقوى، كيف أخربتها الذنوب؟
إِذا ذَكرَتَ نَجداً وَطيبَ تُرابُهُ ... وَبَردَ حَصاهُ آَخِرَ اللَيلِ حَنّت
تَمَنَت أَحاليبَ الرَّعاءِ وَخيمَة ... بِنَجدٍ وَلَم يَحصُل لَها ما تَمَنّت
يا من كان له معاملة فترك، يامن خلط الدستور وضرب على الحساب، زمان الوصال يستحق البكاء، أطلال الحبيب تستوجب القلق.
ماءُ النُقَيبِ وَلَو مِقدارَ مَضمَضَةٍ ... شِفاءُ قًلبي وَغَيرُ الماءِ يَشفيني
الوقت يقتضيك يا عاص، فبادر بالتوبة، منادي الوصال على باب القبول يصيح (وَسارِعوا) .
الغَيمُ رَطبٌ يُنادي ... يا نائِمين الصَّبُوحُ
فَقُلتُ أَهلاً وَسَهلاً ... ما دامَ في الجِسم روحُ
يا من كان له قلب: أين قلبك؟ يا زمان الخيف: هل من عودة إن كنت فقدت قلبك فلا تيأس من وجوده.
فَقَد يَجمَعَ اللَهُ الشَتَيتينِ بَعدَما ... يَظَّنانِ كُلَّ الظَنّ أن لا تَلاقِيا
سر بِوادي الطَلَبِ، مُستَغيثاً بِلِسانِ الطَربِ
رُدوا عَلى لَيالي التَي سَلَفَت ... لَم أَنسَهُنَّ وَما بِالعَهدِ مِن قِدَمِ
نام کتاب : اللطائف نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 22