responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 2  صفحه : 96
الْمُسْلِمِ بِغَيْرِ سَبَبٍ شَرْعِيٍّ وَفِيمَا ذَكَرَهُ وَقَيَّدَ بِهِ نَظَرٌ. أَمَّا الْأَوَّلُ فَاَلَّذِي يُتَّجَهُ مَا ذَكَرْته مِنْ أَنَّ لَعْنَ الدَّابَّةِ صَغِيرَةٌ لِمَا ذَكَرْته، وَأَمَّا لَعْنُ الذِّمِّيِّ الْمُعَيَّنِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَبِيرَةٌ؛ لِاسْتِوَائِهِ مَعَ الْمُسْلِمِ فِي حُرْمَةِ الْإِيذَاءِ، وَأَمَّا تَقْيِيدُهُ فَغَيْرُ صَحِيحٍ إذْ لَيْسَ لَنَا غَرَضٌ شَرْعِيٌّ يَجُوزُ لَعْنُ الْمُسْلِمِ أَصْلًا ثُمَّ مَحَلُّ حُرْمَةِ اللَّعْنِ إنْ كَانَ لِمُعَيَّنٍ فَالْمُعَيَّنُ لَا يَجُوزُ لَعْنُهُ وَإِنْ كَانَ فَاسِقًا، كَيَزِيدَ بْنُ مُعَاوِيَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَوْ ذِمِّيًّا حَيًّا أَوْ مَيِّتًا وَلَمْ يُعْلَمْ مَوْتُهُ عَلَى الْكُفْرِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ يُخْتَمُ لَهُ أَوْ خُتِمَ لَهُ بِالْإِسْلَامِ بِخِلَافِ مَنْ عُلِمَ مَوْتُهُ عَلَى الْكُفْرِ كَفِرْعَوْنَ وَأَبِي جَهْلٍ وَأَبِي لَهَبٍ وَنُظَرَائِهِمْ، وَأَمَّا مَا وَقَعَ لِبَعْضِهِمْ مِنْ لَعْنِ يَزِيدَ فَهُوَ تَهَوُّرٌ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِإِسْلَامِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَدَعْوَى جَمْعٍ أَنَّهُ كَافِرٌ لَمْ يَثْبُتْ مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا بَلْ أَمْرُهُ بِقَتْلِ الْحُسَيْنِ لَمْ يَثْبُتْ أَيْضًا وَلِهَذَا أَفْتَى الْغَزَالِيُّ بِحُرْمَةِ لَعْنِهِ: أَيْ وَإِنْ كَانَ فَاسِقًا سِكِّيرًا مُتَهَوِّرًا فِي الْكَبَائِرِ بَلْ فَوَاحِشِهَا.
وَأَمَّا احْتِجَاجُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ السِّرَاجِ الْبُلْقِينِيِّ عَلَى جَوَازِ لَعْنِ الْعَاصِي الْمُعَيَّنِ بِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ: «إذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إلَى فِرَاشِهِ فَلَمْ تَأْتِهِ فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهِمَا لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ» . وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا وَلِلنَّسَائِيِّ: «إذَا بَاتَتْ الْمَرْأَةُ هَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ» فَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ وَلَدُهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ: بَحَثْت مَعَهُ فِي ذَلِكَ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ لَعْنُ الْمَلَائِكَةِ لَهَا لَيْسَ بِالْخُصُوصِ بَلْ بِالْعُمُومِ بِأَنْ يَقُولُوا: لَعَنَ اللَّهُ مَنْ بَاتَتْ هَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا، وَأَقُولُ: لَوْ اسْتَدَلَّ لِذَلِكَ بِخَبَرِ مُسْلِمٍ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّ بِحِمَارٍ وُسِمَ فِي وَجْهِهِ فَقَالَ: لَعَنَ اللَّهُ مَنْ فَعَلَ هَذَا» لَكَانَ أَظْهَرَ إذْ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ هَذَا صَرِيحَةٌ فِي لَعْنِ مُعَيَّنٍ إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ بِأَنَّ الْمُرَادَ جِنْسُ فَاعِلِ ذَلِكَ لَا هَذَا الْمُعَيَّنُ، وَفِيهِ مَا فِيهِ. أَمَّا لَعْنُ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ بِالشَّخْصِ وَإِنَّمَا عُيِّنَ بِالْوَصْفِ بِنَحْوِ لَعَنَ اللَّهُ الْكَاذِبَ فَجَائِزٌ إجْمَاعًا. قَالَ - تَعَالَى -: {أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود: 18]- {ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} [آل عمران: 61] وَسَيَأْتِي عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَثِيرٌ مِنْ هَذَا النَّوْعِ.
فَائِدَةٌ: لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَمَاعَةً بِالْوَصْفِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ وَجَمَاعَةً بِالتَّعْيِينِ وَالْأَوَّلُ أَكْثَرُ، وَقَدْ ذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَئِمَّتِنَا مِنْهُ جُمْلَةً مُسْتَكْثَرَةً مِنْ غَيْرِ سَنْدٍ فَلَا بَأْسَ بِذِكْرِهِ كَذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْفَوَائِدِ.

نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 2  صفحه : 96
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست