responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 2  صفحه : 55
وَالْبَزَّارُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ إلَّا مُخْتَلَفٌ فِيهِ جَمْعٌ وَجَمَاعَةٌ أَجِلَّاءُ يُوَثِّقُونَهُ: «إنَّ شِرَارَ أُمَّتِي الَّذِينَ غُذُّوا بِالنَّعِيمِ وَنَبَتَتْ عَلَيْهِ أَجْسَامُهُمْ» . وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ: «سَيَكُونُ رِجَالٌ مِنْ أُمَّتِي يَأْكُلُونَ أَلْوَانَ الطَّعَامِ، وَيَشْرَبُونَ أَلْوَانَ الشَّرَابِ، وَيَلْبَسُونَ أَلْوَانَ الثِّيَابِ، وَيَتَشَدَّقُونَ فِي الْكَلَامِ، فَأُولَئِكَ شِرَارُ أُمَّتِي» .
وَصَحَّ بِسَنَدٍ فِيهِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ: «يَا ضَحَّاكُ مَا طَعَامُك؟ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اللَّحْمُ وَاللَّبَنُ. قَالَ ثُمَّ يَصِيرُ إلَى مَاذَا؟ قَالَ إلَى مَا عَلِمْت قَالَ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ضَرَبَ مَا يَخْرُجُ مِنْ ابْنِ آدَمَ مَثَلًا لِلدُّنْيَا» .
تَنْبِيهٌ: عَدُّ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ مِنْ الْكَبَائِرِ ظَاهِرٌ، أَمَّا الْأَوَّلَانِ فَلِأَنَّهُمَا مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ، وَخَبَرُ أَبُو دَاوُد السَّابِقُ صَرِيحٌ فِي الْأَوَّلِ لِلتَّعْبِيرِ فِيهِ بِقَوْلِهِ: «دَخَلَ سَارِقًا وَخَرَجَ مُغِيرًا» وَلَمْ يُضَعِّفْهُ أَبُو دَاوُد فَهُوَ صَالِحٌ لِلِاحْتِجَاجِ بِهِ عِنْدَهُ، لَكِنْ قَالَ غَيْرُهُ إنَّ فِيهِ مَجْهُولًا وَمُخْتَلِفًا فِي تَوْثِيقِهِ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى تَضْعِيفِهِ، وَأَمَّا الثَّالِثُ فَلِأَنَّهُ مِنْ إضْرَارِ النَّفْسِ وَهُوَ كَبِيرَةٌ كَإِضْرَارِ الْغَيْرِ وَكَذَا عَدُّ الرَّابِعَةِ قِيَاسًا عَلَى مَا مَرَّ فِي اللِّبَاسِ بِمَا فِيهِ مِنْ أَنَّ تَطْوِيلَ الْإِزَارِ لِلْخُيَلَاءِ كَبِيرَةٌ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُنْبِئُ عَنْ الْعُجْبِ وَالزَّهْوِ وَالْكِبْرِ، وَعَلَى هَذَا الشِّبَعُ الْمُضِرُّ أَوْ مِنْ مَالِ الْغَيْرِ يُحْمَلُ مَا فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ مِنْ الْوَعِيدِ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُ الْحَلِيمِيِّ فِي قَوْله تَعَالَى: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ} [الأحقاف: 20] الْآيَةَ.
هَذَا الْوَعِيدُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ كَانَ لِلْكُفَّارِ الَّذِينَ يُقْدِمُونَ عَلَى الطَّيِّبَاتِ الْمَحْظُورَةِ وَلِذَلِكَ قَالَ تَعَالَى: {فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ} [الأحقاف: 20] فَقَدْ يُخْشَى مِثْلُهُ عَلَى الْمُنْهَمِكِينَ فِي الطَّيِّبَاتِ الْمُبَاحَةِ؛ لِأَنَّ مَنْ تَعَوَّدَهَا مَالَتْ نَفْسُهُ إلَى الدُّنْيَا فَلَمْ يَأْمَنْ أَنْ يَرْتَكِبَ فِي الشَّهَوَاتِ وَالْمَلَاذِ كُلَّمَا أَجَابَ نَفْسَهُ إلَى وَاحِدٍ مِنْهَا دَعَتْهُ إلَى غَيْرِهِ فَيَصِيرُ إلَى أَنْ لَا يُمْكِنَهُ عِصْيَانُ نَفْسِهِ فِي هَوًى قَطُّ، وَيَنْسَدُّ بَابُ الْعِبَادَةِ دُونَهُ فَإِذَا آلَ الْأَمْرُ إلَى هَذَا لَمْ يَبْعُدْ أَنْ يُقَالَ لَهُ: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ} [الأحقاف: 20] فَلَا يَنْبَغِي أَنْ تُعَوَّدَ النَّفْسُ بِمَا تَمِيلُ بِهِ إلَى الشَّرَهِ فَيَصْعُبُ تَدَارُكُهَا وَلْتَرْضَ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ عَلَى السَّدَادِ فَإِنَّ ذَلِكَ أَهْوَنُ مِنْ أَنْ تَدِبَّ عَلَى الْفَسَادِ ثُمَّ يَجْتَهِدُ فِي إعَادَتِهَا إلَى الصَّلَاحِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. انْتَهَى:

نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 2  صفحه : 55
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست