responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 2  صفحه : 381
الْمُنْكَرَاتِ، بَلْ هَذَا مِنْ أَشَرِّهَا وَأَقْبَحِهَا، وَمِنْ ثَمَّ أَكَّدَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - التَّحْذِيرَ مِنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: " اللَّهَ اللَّهَ ": أَيْ احْذَرُوا اللَّهَ أَيْ عِقَابَهُ وَعَذَابَهُ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} [آل عمران: 28] وَكَمَا تَقُولُ لِمَنْ تَرَاهُ مُشْرِفًا عَلَى الْوُقُوعِ فِي نَارٍ عَظِيمَةٍ النَّارَ النَّارَ: أَيْ احْذَرْهَا.
وَتَأَمَّلْ أَعْظَمَ فَضَائِلِهِمْ وَمَنَاقِبِهِمْ الَّتِي نَوَّهَ بِهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَيْثُ جَعَلَ مَحَبَّتَهُمْ مَحَبَّةً لَهُ وَبُغْضَهُمْ بُغْضًا لَهُ وَنَاهِيك بِذَلِكَ جَلَالَةً لَهُمْ وَشَرَفًا، فَحُبُّهُمْ عُنْوَانُ مَحَبَّتِهِ وَبُغْضُهُمْ عُنْوَانُ بُغْضِهِ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ حُبُّ الْأَنْصَارِ مِنْ الْإِيمَانِ وَبُغْضُهُمْ مِنْ النِّفَاقِ لِسَابِقَتِهِمْ وَبَذْلِهِمْ الْأَنْفُسَ وَالْأَمْوَالَ فِي مَحَبَّتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنُصْرَتِهِ وَإِنَّمَا يَعْرِفُ فَضَائِلَ الصَّحَابَةِ مَنْ تَدَبَّرَ سَيْرَهُمْ مَعَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَآثَارَهُمْ الْحَمِيدَةَ فِي الْإِسْلَامِ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَمَاتِهِ، فَجَزَاهُمْ اللَّهُ عَنْ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ خَيْرَ الْجَزَاءِ وَأَكْمَلَهُ وَأَفْضَلَهُ، فَقَدْ جَاهَدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ حَتَّى نَشَرُوا الدِّينَ وَأَظْهَرُوا شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ، وَلَوْلَا ذَلِكَ مِنْهُمْ مَا وَصَلَ إلَيْنَا قُرْآنٌ وَلَا سُنَّةٌ وَلَا أَصْلٌ وَلَا فَرْعٌ، فَمَنْ طَعَنَ فِيهِمْ فَقَدْ كَادَ أَنْ يَمْرُقَ مِنْ الْمِلَّةِ لِأَنَّ الطَّعْنَ فِيهِمْ يُؤَدِّي إلَى انْطِمَاسِ نُورِهَا: {وَيَأْبَى اللَّهُ إِلا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [التوبة: 32] وَإِلَى عَدَمِ الطُّمَأْنِينَةِ وَالْإِذْعَانِ لِثَنَاءِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ عَلَيْهِمْ، وَإِلَى الطَّعْنِ فِي اللَّهِ وَفِي رَسُولِهِ إذْ هُمْ الْوَسَائِطُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَالطَّعْنُ فِي الْوَسَائِطِ طَعْنٌ فِي الْأَصْلِ، وَالْإِزْرَاءُ بِالنَّاقِلِ إزْرَاءٌ بِالْمَنْقُولِ عَنْهُ، وَهَذَا ظَاهِرٌ لِمَنْ تَدَبَّرَهُ وَقَدْ سَلِمَتْ عَقِيدَتُهُ مِنْ النِّفَاقِ وَالْغُلُولِ وَالزَّنْدَقَةِ. فَالْوَاجِبُ عَلَى مَنْ أَحَبَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حُبَّ مَنْ قَامَ بِمَا أَمَرَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ بِهِ وَأَوْضَحَهُ وَبَلَّغَهُ لِمَنْ بَعْدَهُ وَأَدَاءُ جَمِيعِ حُقُوقِهِ وَالصَّحَابَةُ هُمْ الْقَائِمُونَ بِأَعْبَاءِ ذَلِكَ كُلِّهِ. وَقَدْ قَالَ أَبُو أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيُّ مِنْ أَكَابِرِ السَّلَفِ: مَنْ أَحَبَّ أَبَا بَكْرٍ فَقَدْ أَقَامَ مَنَارَ الدِّينِ، وَمَنْ أَحَبَّ عُمَرَ فَقَدْ أَوْضَحَ السَّبِيلَ، وَمِنْ أَحَبَّ عُثْمَانَ فَقَدْ اسْتَنَارَ بِنُورِ اللَّهِ، وَمَنْ أَحَبَّ عَلِيًّا فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَمَنْ قَالَ الْخَيْرُ فِي جَمِيعِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَدْ بَرِئَ مِنْ النِّفَاقِ؛ وَمَنَاقِبُهُمْ وَفَضَائِلُهُمْ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُذْكَرَ.
وَأَجْمَعُ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ عَلَى أَنَّ أَفْضَلَهُمْ الْعَشَرَةُ الْمَشْهُودُ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ عَلَى لِسَانِهِ نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سِيَاقٍ وَاحِدٍ، وَأَفْضَلُ هَؤُلَاءِ أَبُو بَكْرٍ فَعُمَرُ، قَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ السُّنَّةِ: فَعُثْمَانُ فَعَلِيٌّ وَلَا يَطْعَنُ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمْ إلَّا مُبْتَدِعٌ مُنَافِقٌ خَبِيثٌ. وَقَدْ أَرْشَدَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى التَّمَسُّكِ بِهَدْيِ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةِ بِقَوْلِهِ: «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ

نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 2  صفحه : 381
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست