responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 2  صفحه : 358
وَلَيْسَ كَمَا ذَكَرَ فِي التَّفْسِيقِ إذْ لَا يَكُونُ إلَّا عَلَى كَبِيرَةٍ بِخِلَافِ رَدِّ الشَّهَادَةِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ عَنْ خَرْمِ مُرُوءَةٍ كَمَا فِي الْقُبْلَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا عِنْدَ مَنْ لَمْ يَجْعَلْهَا كَبِيرَةً. وَأَمَّا تَمْثِيلُهُ بِالْإِصْرَارِ الْمَذْكُورِ فَهُوَ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ فَلَا دَلِيلَ فِيهِ، ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ قَالَ عَقِبَ كَلَامِهِ وَمَا ذَكَرَهُ فِي هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَالرُّجُوعُ فِي الْغَلَبَةِ لِلْعُرْفِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ مُدَّةَ الْعُمْرِ فَالْمُسْتَقْبَلُ لَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ وَكَذَلِكَ مَا ذَهَبَ بِالتَّوْبَةِ وَغَيْرِهَا، وَلِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْمُخْتَصَرِ: لَيْسَ مِنْ النَّاسِ أَحَدٌ نَعْلَمُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَلِيلًا يُمَحِّضُ الطَّاعَةَ وَالْمُرُوءَةَ، فَإِذَا كَانَ الْأَغْلَبُ عَلَى الرَّجُلِ الْأَظْهَرُ مِنْ أَمْرِهِ الطَّاعَةَ وَالْمُرُوءَةَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ، فَإِذَا كَانَ الْأَغْلَبُ الْأَظْهَرُ مِنْ أَمْرِهِ الْمَعْصِيَةَ وَخِلَافَ الْمُرُوءَةِ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَاتَّفَقَ الْأَصْحَابُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الصَّغَائِرُ فَإِنَّ الْكَبِيرَةَ بِمُجَرَّدِهَا تُخْرِجُ عَنْ الْعَدَالَةِ، وَإِنْ كَانَ الْأَغْلَبُ الطَّاعَةَ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ شَرْطُ الْعَدَالَةِ اجْتِنَابُ الْكَبَائِرِ وَعَدَمُ غَلَبَةِ الصَّغَائِرِ عَلَى الطَّاعَةِ. اهـ.
وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَعَدَمُ غَلَبَةِ الصَّغَائِرِ عَلَى الطَّاعَةِ أَنَّهُمَا لَوْ اسْتَوَيَا فَلَمْ يَغْلِبْ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ بَقِيَتْ الْعَدَالَةُ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَيُحْتَمَلُ سَلْبُهَا كَمَا لَوْ اجْتَمَعَ حَلَالٌ وَحَرَامٌ يَغْلِبُ الْحَرَامُ لِخُبْثِهِ وَكَذَا يَنْبَغِي هُنَا تَغْلِيبُ الْمَعَاصِي لِخُبْثِهَا، وَفَسَّرَ الْقَاضِيَانِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالطَّبَرِيُّ الْإِصْرَارَ فِي قَوْله تَعَالَى {وَلَمْ يُصِرُّوا} [آل عمران: 135] بِأَنْ لَمْ يَعْزِمُوا عَلَى أَنْ لَا يَعُودُوا إلَيْهِ، وَقَضِيَّتُهُ حُصُولُ الْإِصْرَارِ بِالْعَزْمِ عَلَى الْعَوْدِ بِتَرْكِ الْعَزْمِ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ ابْنِ الصَّلَاحِ: الْإِصْرَارُ التَّلَبُّسُ بِضِدِّ التَّوْبَةِ بِاسْتِمْرَارِ الْعَزْمِ عَلَى الْمُعَاوَدَةِ وَاسْتِدَامَةُ الْفِعْلِ، بِحَيْثُ يَدْخُلُ بِهِ فِي حَيِّزِ مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ الْوَصْفُ بِصَيْرُورَتِهِ كَبِيرَةً وَلَيْسَ لِزَمَنِ ذَلِكَ وَعَدَدِهِ حَصْرٌ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: الْإِصْرَارُ أَنْ تَتَكَرَّرَ مِنْهُ الصَّغِيرَةُ تَكْرَارًا يُشْعِرُ بِقِلَّةِ مُبَالَاتِهِ بِدِينِهِ إشْعَارَ ارْتِكَابِ الْكَبِيرَةِ بِذَلِكَ، قَالَ: وَكَذَلِكَ إذَا اجْتَمَعَتْ صَغَائِرُ مُخْتَلِفَةُ الْأَنْوَاعِ بِحَيْثُ يُشْعِرُ مَجْمُوعُهَا بِمَا يُشْعِرُ بِهِ أَصْغَرُ الْكَبَائِرِ. اهـ. وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ لِمَعْرِفَةِ ضَابِطِ الْإِصْرَارِ عَلَى الضَّعِيفِ أَنَّ مُطْلَقَ الْإِصْرَارِ عَلَى الصَّغِيرَةِ يُصَيِّرُهَا كَبِيرَةً، أَمَّا عَلَى الْمُعْتَمَدِ السَّابِقِ فَالْمَدَارُ عَلَى غَلَبَةِ الطَّاعَاتِ وَالْمَعَاصِي وَيُؤْخَذُ مِنْ ضَبْطِ الْبُلْقِينِيِّ لَهَا بِالْعُرْفِ أَنَّهُ لَا نَظَرَ إلَى مُضَاعَفَةِ الطَّاعَاتِ وَإِنَّمَا يُقَابِلُ إفْرَادَ الطَّاعَاتِ بِإِفْرَادِ الْمَعَاصِي مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى الْمُضَاعَفَةِ وَتَرَدَّدَ بَعْضُهُمْ فِيمَا لَوْ اسْتَوَتْ مَعَاصِيهِ وَطَاعَاتُهُ، وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ سَلْبُ الْعَدَالَةِ.

نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 2  صفحه : 358
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست