responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 2  صفحه : 328
وَالطَّاعَةِ، فَإِذَا كَانُوا مَعَ تِلْكَ الصُّوَرِ الظَّاهِرَةِ مُنْطَوِينَ عَلَى فِسْقٍ بَاطِنٍ مَثَلًا كَانَ فِي الْجُلُوسِ مَعَهُمْ خَطَرٌ كَبِيرٌ؛ لِأَنَّ النَّفْسَ بِتَكْرِيرِ جُلُوسِهَا مَعَهُمْ تَأْلَفُهُمْ وَتَمِيلُ إلَى أَفْعَالِهِمْ ضَرُورَةً؛ لِأَنَّهَا مَجْبُولَةٌ عَلَى حُبِّ الشَّرِّ وَكُلِّ مَا يَضُرُّهَا، فَحِينَئِذٍ تَبْحَثُ عَنْ خِصَالِهِمْ وَتَتَأَسَّى بِهَا. وَمِنْ جُمْلَتِهَا ذَلِكَ الْمُفَسِّقُ فَتَرْتَكِبُهُ لِمَا جُبِلَتْ عَلَيْهِ مِنْ مَحَبَّتِهِ وَلِمَا أَلِفَتْهُ مِنْ التَّأَسِّي بِأُولَئِكَ الْفَسَقَةِ، فَكَانَ فِي مُجَالَسَتِهِمْ ذَلِكَ الضَّرَرُ الْعَظِيمُ. هَذَا غَايَةُ مَا تُوَجَّهُ بِهِ هَذِهِ الْمَقَالَةُ، وَقَدْ عَلِمْتَ مِنْ الَّتِي قَبْلَهَا أَنَّ هَذَا لَا يُوَافِقُ مَذْهَبَنَا لِأَنَّهُمْ إذَا عَدُّوا الْجُلُوسَ مَعَ الْفَسَقَةِ فِي حَالِ فِسْقِهِمْ صَغِيرَةً عَلَى خِلَافِ مَا مَرَّ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ فَأَوْلَى هَذَا؛ وَأَمَّا عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ فَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ هَذَا أَنَّ حَاضِرَ تَعَاطِي الْفِسْقِ قَادِرًا عَلَى إزَالَتِهِ مُخْتَارًا يُعَدُّ مُقَرِّرًا لَهُ رَاضِيًا بِهِ مُعِينًا عَلَيْهِ.
وَهَذِهِ قَبَائِحُ لَا يَبْعُدُ عَدُّ مَجْمُوعِهَا كَبِيرَةً، وَبِهِ يُتَّجَهُ مَا مَرَّ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ، وَأَمَّا مُجَرَّدُ الْجُلُوسِ مَعَ فَاسِقٍ قَارِئٍ أَوْ فَقِيهٍ أَوْ غَيْرِهِمَا مَعَ عَدَمِ مُبَاشَرَتِهِ لِمُفَسِّقٍ، فَيَبْعُدُ عَدُّ ذَلِكَ كَبِيرَةً، بَلْ الْكَلَامُ فِي حُرْمَتِهِ مِنْ أَصْلِهِ حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ بِالْجُلُوسِ مَعَهُ إينَاسَهُ لِأَجْلِ فِسْقِهِ أَوْ مَعَ وَصْفِ فِسْقِهِ، وَإِنَّمَا قَصَدَ إينَاسَهُ لِنَحْوِ قَرَابَةٍ أَوْ حَاجَةٍ مُبَاحَةٍ لَهُ عِنْدَهُ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، فَحِينَئِذٍ لَا وَجْهَ لِلْحُرْمَةِ مِنْ أَصْلِهَا، فَإِنْ قَصَدَ إينَاسَهُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ فَاسِقًا فَلَا شَكَّ فِي حُرْمَةِ ذَلِكَ، ثُمَّ رَأَيْت الْغَزَالِيَّ عَدَّ مِنْ الذُّنُوبِ مُصَادَقَةَ الْفُجَّارِ، وَمُجَالَسَةَ الشُّرَّابِ وَقْتَ الشُّرْبِ، وَالْأَوَّلُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ مُجَرَّدَ الْمُصَادَقَةِ حَرَامٌ وَإِنْ لَمْ يُجَالِسْهُمْ، وَالثَّانِي صَرِيحٌ فِي أَنَّ مُجَرَّدَ الْمُجَالَسَةِ مِنْ غَيْرِ مُصَادَقَةٍ وَلَا قَصْدِ إينَاسٍ لَا إثْمَ فِيهَا وَهُوَ يُؤَكِّدُ مَا ذَكَرْته.

[الْكَبِيرَةُ الثَّالِثَةُ وَالْأَرْبَعُونَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ الْقِمَارُ]
(الْكَبِيرَةُ الثَّالِثَةُ وَالْأَرْبَعُونَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ: الْقِمَارُ سَوَاءٌ كَانَ مُسْتَقِلًّا أَوْ مُقْتَرِنًا بِلَعِبٍ مَكْرُوهٍ كَالشِّطْرَنْجِ أَوْ مُحَرَّمٍ كَالنَّرْدِ) . قَالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة: 90] {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة: 91] وَالْمَيْسِرُ الْقِمَارُ بِأَيِّ نَوْعٍ كَانَ، وَسَبَبُ النَّهْيِ عَنْهُ وَتَعْظِيمِ أَمْرِهِ أَنَّهُ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ الَّذِي نَهَى اللَّهُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: 188]

نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 2  صفحه : 328
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست