responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 2  صفحه : 303
وَمِنْ ثَمَّ اتَّفَقَ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَبِيرَةٌ. وَأَمَّا عَدُّ الثَّانِيَةِ فَهُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ السَّابِقِ: مَا عَلِمَ ذَلِكَ مَنْ حَلَفَ بِي كَاذِبًا إذْ فِي هَذَا تَهْدِيدٌ عَظِيمٌ وَوَعِيدٌ شَدِيدٌ، ثُمَّ رَأَيْت مَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ وَهُوَ تَعْبِيرُ بَعْضِ أَئِمَّتِنَا كَصَاحِبِ الْعُدَّةِ بِالْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ، وَفَسَّرَهَا الزَّرْكَشِيُّ بِمَا يَشْمَلُ الْكَاذِبَةَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ غَمُوسًا بِالْمَعْنَى السَّابِقِ فَقَالَ: وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ الْيَمِينِ الْغَمُوسِ، وَهِيَ الَّتِي يَحْلِفُ بِهَا بَاطِلًا أَوْ يُبْطِلُ بِهَا حَقًّا، سُمِّيَتْ غَمُوسًا لِأَنَّهَا تَغْمِسُ صَاحِبَهَا فِي النَّارِ انْتَهَى؛ فَقَوْلُهُ يَحْلِفُ بِهَا بَاطِلًا: أَيْ وَإِنْ لَمْ يُبْطِلْ بِهَا حَقًّا، وَهَذِهِ لَا تُسَمَّى غَمُوسًا اصْطِلَاحًا خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الزَّرْكَشِيّ الْمَذْكُورُ، وَيُؤَيِّدُ عَدَّهَا أَيْضًا أَنَّ عَبْدَ الرَّزَّاقِ رَوَى فِي بَابِ الْكَبَائِرِ مِنْ الْبَابِ الْجَامِعِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ ابْنَ عُمَرَ فَقَالَ: إنِّي أَصَبْت ذُنُوبًا فَأُحِبُّ أَنْ تَعُدَّ عَلَيَّ الْكَبَائِرَ، قَالَ: فَعَدَّ عَلَيْهِ سَبْعًا أَوْ ثَمَانِيًا: الْإِشْرَاكَ بِاَللَّهِ وَعُقُوقَ الْوَالِدَيْنِ وَقَتْلَ النَّفْسِ وَأَكْلَ الرِّبَا وَأَكْلَ مَالِ الْيَتِيمِ وَقَذْفَ الْمُحْصَنَاتِ وَالْيَمِينَ الْفَاجِرَةَ.
وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا بَلْ يُصَرِّحُ بِهِ خَبَرُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إلَيْهِمْ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ، قَالَ: فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَقُلْت: خَابُوا وَخَسِرُوا مَنْ هُمْ؟ قَالَ الْمُسْبِلُ - أَيْ إزَارَهُ خُيَلَاءَ - وَالْمَنَّانُ، وَالْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ» ، فَهَذَا هُوَ ظَاهِرٌ أَوْ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْحَلِفَ بِاَللَّهِ كَذِبًا كَبِيرَةٌ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ غَمُوسًا بِالتَّفْسِيرِ الَّذِي ذَكَرُوهُ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ إنْفَاقَ السِّلْعَةِ بِالْحَلِفِ الْكَذِبِ اقْتَطَعَ بِهِ مَالَ مُسْلِمٍ، وَهُوَ أَخْذُ الثَّمَنِ مِنْ الْمُشْتَرِي بِوَاسِطَةِ الْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ إذْ لَوْلَاهَا لَمَا بَذَلَ لَهُ فِي تِلْكَ الْعَيْنِ فَكَأَنَّهُ اقْتَطَعَ حَقَّهُ بِهَا.
وَأَخْرَجَ الشَّيْخَانِ: «ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: رَجُلٌ عَلَى فَضْلِ مَاءٍ يَمْنَعُهُ ابْنَ السَّبِيلِ، وَرَجُلٌ بَايَعَ رَجُلًا سِلْعَةً بَعْدَ الْعَصْرِ فَحَلَفَ بِاَللَّهِ لَقَدْ أَخَذَهَا بِكَذَا وَكَذَا فَصَدَّقَهُ وَهُوَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَرَجُلٌ بَايَعَ إمَامًا لَا يُبَايِعُهُ إلَّا لِدُنْيَا فَإِنْ أَعْطَاهُ مِنْهَا وَفَى لَهُ، وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ لَمْ يَفِ لَهُ» . وَالتَّقْيِيدُ بِبَعْدِ الْعَصْرِ لِأَنَّ الْحَلِفَ الْكَذِبَ فِيهِ أَقْبَحُ لَا لِأَنَّهُ شَرْطٌ فِي اسْتِحْقَاقِ هَذِهِ الْعُقُوبَةِ الشَّدِيدَةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ خَبَرُ مُسْلِمٍ الْمَذْكُورُ.
وَأَمَّا عَدُّ الثَّالِثَةِ فَهُوَ مَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ فَقَالَ: فَلَا شَكَّ أَنَّهُ يَطْرُقُ الْبَحْثَ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الرَّافِعِيُّ بِقَوْلِهِ: وَلِلتَّوَقُّفِ مَجَالٌ فِي بَعْضِ هَذِهِ الصُّوَرِ تَقْيِيدَ الْيَمِينِ بِالْفَاجِرَةِ، وَيُقَالُ إنَّ كَثْرَةَ الْأَيْمَانِ وَإِنْ كَانَ صَادِقًا تَقْتَضِي ذَلِكَ: أَيْ الْفِسْقَ كَمَا قِيلَ بِهِ فِي كَثْرَةِ الْمُخَاصَمَةِ انْتَهَى وَهُوَ مُحْتَمَلٌ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ وَهُوَ أَقْرَبُ لِأَنَّ مِنْ

نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 2  صفحه : 303
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست