responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 2  صفحه : 22
لِأَنَّ الْوَقِيعَةَ إذَا أُرِيدَ بِهَا السَّبُّ فَهِيَ كَبِيرَةٌ وَلَوْ فِي غَيْرِ الْعُلَمَاءِ وَحَمَلَةِ الْقُرْآنِ، فَكَيْفَ يَسُوغُ التَّخْصِيصُ بِهَا فَالْحَقُّ أَنَّ إفْرَادَ الْوَقِيعَةِ بِكَوْنِهَا كَبِيرَةً مُشْكِلٌ مُطْلَقًا.
أَمَّا عَلَى مَنْ يَقُولُ: إنَّ الْغِيبَةَ صَغِيرَةٌ وَيُرِيدُ بِالْوَقِيعَةِ الْغِيبَةَ فَوَاضِحٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ شَرَفَ ذَيْنِك اقْتَضَى التَّغْلِيظَ فِي أَمْرِهِمَا؛ لِيَنْزَجِرَ النَّاسُ عَنْهُ. وَأَمَّا عَلَى مَنْ يَقُولُ إنَّ الْغِيبَةَ كَبِيرَةٌ أَوْ يُفَسِّرُ الْوَقِيعَةَ بِالسَّبِّ فَلَا فَائِدَةَ لِإِفْرَادِ الْوَقِيعَةِ بِالذِّكْرِ إلَّا مُجَرَّدَ الِاعْتِنَاءِ وَالتَّأْكِيدِ فِي تَغْلِيظِهَا عَلَى أَنَّهُ سَبَقَ عَنْ الزَّرْكَشِيّ أَنَّهُمْ فَسَّرُوا الْوَقِيعَةَ بِالْغِيبَةِ، وَبِهِ يَزِيدُ إيضَاحُ رَدِّ مَا قَالَهُ الْجَلَالُ.
وَأَمَّا تَنْظِيرُهُ فِي كَوْنِ الْغِيبَةِ مِنْ الْكَبَائِرِ بِمَا ذَكَرَهُ فِي مَعْنَى الْآيَةِ فَيُرَدُّ بِمَا قَدَّمْته فِي مَعْنَاهَا الْمُفِيدِ لِغَايَةِ الزَّجْرِ وَالتَّغْلِيظِ فِي أَمْرِ الْغِيبَةِ وَلِكَوْنِهَا كَبِيرَةً؛ لِأَنَّ أَكْلَ لَحْمِ الْمَيْتَةِ كَبِيرَةٌ فَكَذَا مَا شُبِّهَ بِهِ بَلْ هُوَ أَبْلَغُ فِي الْمَفْسَدَةِ مِنْهُ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَمَا مَرَّ عَنْهُ: وَالْعَجَبُ مِمَّنْ يَعُدُّ أَكْلَ الْمَيْتَةِ كَبِيرَةً وَلَا يَعُدُّ الْغِيبَةَ كَبِيرَةً وَاَللَّهُ تَعَالَى أَنْزَلَهَا مَنْزِلَةَ أَكْلِ لَحْمِ الْآدَمِيِّ إلَى آخِرِ مَا مَرَّ عَنْهُ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ أَعْنِي الْجَلَالَ إنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِي الْأَحَادِيثِ وَعِيدٌ عَلَى الْغِيبَةِ بِعَذَابٍ، وَأَنَّ الْحَدِيثَ الَّذِي ذَكَرَهُ لَا يَدُلُّ عَلَى كَوْنِهَا كَبِيرَةً بَلْ عَلَى تَحْرِيمِهَا وَالزَّجْرِ عَنْهَا فَهُوَ فِي غَايَةِ الْعَجَبِ. أَمَّا الثَّانِي فَوَاضِحٌ إذْ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْعَذَابَ الْمَذْكُورَ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَقَدْ مَرَّ فِي تَعْرِيفِ الْكَبِيرَةِ أَنَّهَا مَا قُرِنَ بِهِ وَعِيدٌ شَدِيدٌ وَهَذَا وَعِيدٌ شَدِيدٌ. وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَوَاضِحٌ أَيْضًا إذْ مَنْ تَأَمَّلَ الْأَحَادِيثَ الَّتِي قَدَّمْتهَا فِيهَا عَلِمَ أَنَّ فِيهَا أَعْظَمَ الْعَذَابِ وَأَشَدَّ النَّكَالِ، فَقَدْ صَحَّ فِيهَا أَنَّهَا أَرْبَى الرِّبَا وَأَنَّهَا لَوْ مُزِجَتْ بِمَاءِ الْبَحْرِ أَنْتَنَتْهُ وَغَيَّرَتْ رِيحَهُ، وَأَنَّ أَهْلَهَا يَأْكُلُونَ الْجِيَفَ فِي النَّارِ، وَأَنَّ لَهُمْ رَائِحَةً مُنْتِنَةً فِيهَا وَأَنَّهُمْ يُعَذَّبُونَ فِي قُبُورِهِمْ، وَبَعْضُ هَذِهِ كَافِيَةٌ فِي الْكَبِيرَةِ فَكَيْفَ إذَا اجْتَمَعَتْ، هَذَا مَا فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ.
وَأَمَّا مَا مَرَّ فِي غَيْرِهَا فَهُوَ أَعْظَمَ وَأَشَدُّ، فَظَهَرَ أَنَّ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ الدَّلَائِلُ الْكَثِيرَةُ الصَّحِيحَةُ الظَّاهِرَةُ أَنَّهَا كَبِيرَةٌ لَكِنَّهَا تَخْتَلِفُ عِظَمًا وَضِدَّهُ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ مَفْسَدَتِهَا كَمَا مَرَّ فِي كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ، وَظَهَرَ أَيْضًا أَنَّهَا الدَّاءُ الْعُضَالُ وَالسُّمُّ الَّذِي فِي الْأَلْسُنِ أَحْلَى مِنْ الزُّلَالِ وَقَدْ جَعَلَهَا مَنْ أُوتِيَ جَوَامِعَ الْكَلِمِ عَدِيلَةَ غَصْبِ الْمَالِ وَقَتْلِ النَّفْسِ بِقَوْلِهِ: «كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ» . وَالْغَصْبُ وَالْقَتْلُ كَبِيرَتَانِ إجْمَاعًا فَكَذَا ثَلْمُ الْعَرْضِ، وَفِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ «فَإِنَّ أَرْبَى الرِّبَا عِنْدَ اللَّهِ اسْتِحْلَالُ عِرْضِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ ثُمَّ تَلَا:

نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 2  صفحه : 22
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست