responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 2  صفحه : 214
لَيْسَ فِي أَحْكَامِهِ تَعَالَى مُحَابَاةٌ، وَأَيْضًا فَلِئَلَّا يُجْعَلَ أَمْرُ اللَّهِ بِالْإِحْسَانِ إلَيْهِنَّ سَبَبًا لِتَرْكِ إقَامَةِ الْحُدُودِ عَلَيْهِنَّ فَيَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا لِوُقُوعِهِنَّ فِي أَنْوَاعِ الْمَفَاسِدِ. وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفَاحِشَةِ هُنَا الزِّنَا كَذَا قِيلَ، وَيُنَافِيهِ مَا يَأْتِي عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَا يُعْتَدُّ بِخِلَافِهِ، وَأُطْلِقَتْ عَلَيْهِ لِزِيَادَتِهِ فِي الْقُبْحِ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ الْقَبَائِحِ.
لَا يُقَالُ الْكُفْرُ أَقْبَحُ مِنْهُ وَكَذَا الْقَتْلُ وَلَا يُسَمَّى أَحَدُهُمَا فَاحِشَةً. لِأَنَّا نَقُولُ مَمْنُوعٌ عَدَمُ تَسْمِيَةِ كُلٌّ مِنْهَا فَاحِشَةً وَإِنَّمَا الصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ وَلَمْ تَرِدْ تَسْمِيَتُهُمَا بِذَلِكَ. وَجَوَابُهُ حِينَئِذٍ أَنَّ الْكُفْرَ لَا يَسْتَقْبِحُهُ الْكَافِرُ مِنْ نَفْسِهِ وَلَا يَعْتَقِدُهُ قَبِيحًا بَلْ صَوَابًا وَكَذَلِكَ الْقَتْلُ وَيَفْتَخِرُ بِهِ الْقَاتِلُ وَيَعُدُّهُ شَجَاعَةً، وَأَمَّا الزِّنَا فَكُلُّ فَاعِلٍ لَهُ يَعْتَقِدُهُ فُحْشًا وَقَبِيحًا وَعَارًا إلَى الْغَايَةِ. وَأَيْضًا فَالْقُوَى الْمُدَبِّرَةُ لِقُوَى الْإِنْسَانِ ثَلَاثَةٌ نَاطِقَةٌ وَغَضَبِيَّةٌ وَشَهْوَانِيَّةٌ، فَفَسَادُ الْأُولَى بِالْكُفْرِ وَالْبِدَعِ وَنَحْوِهَا، وَالثَّانِيَةُ بِالْقَتْلِ وَنَحْوِهِ، وَأَخَسُّ هَذِهِ الْقُوَى الثَّلَاثَةِ الشَّهْوَانِيَّةُ فَلَا جَرَمَ كَانَ فَسَادُهَا أَخَسَّ أَنْوَاعِ الْفَسَادِ، فَلِهَذَا السَّبَبِ خُصَّ هَذَا الْفِعْلُ بِاسْمِ الْفَاحِشَةِ.
" وَمِنْكُمْ " أَيْ الْمُسْلِمِينَ وَإِنَّمَا جَعَلَ تَعَالَى الشَّهَادَةَ عَلَى الزِّنَا أَرْبَعَةً دُونَ غَيْرِهِ تَغْلِيظًا عَلَى الْمُدَّعِي وَسِتْرًا عَلَى الْعِبَادِ، وَهَذَا الْحُكْمُ ثَابِتٌ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ أَيْضًا كَذَلِكَ. أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: «جَاءَتْ الْيَهُودُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ مِنْهُمْ زَنَيَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ائْتُونِي بِأَعْلَمِ رَجُلٍ مِنْكُمْ فَأَتَوْهُ بِاثْنَيْنِ فَنَشَدَهُمَا كَيْفَ تَجِدَانِ أَمْرَ هَذَيْنِ فِي التَّوْرَاةِ؟ قَالَا نَجِدُ فِي التَّوْرَاةِ إذَا شَهِدَ أَرْبَعَةٌ أَنَّهُمْ رَأَوْا ذَكَرَهُ فِي فَرْجِهَا مِثْلَ الْمِيلِ فِي الْمُكْحُلَةِ رُجِمَا، قَالَ فَمَا يَمْنَعُكُمْ أَنْ تَرْجُمُوهُمَا؟ قَالَ ذَهَبَ سُلْطَانُنَا فَكَرِهْنَا الْقَتْلَ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالشُّهُودِ فَشَهِدُوا أَنَّهُمْ رَأَوْا ذَكَرَهُ فِي فَرْجِهَا مِثْلَ الْمِيلِ فِي الْمُكْحُلَةِ، فَأَمَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِرَجْمِهِمَا» . وَقَالَ قَوْمٌ: إنَّمَا كَانَ الشُّهُودُ فِي الزِّنَا أَرْبَعَةً لِيَكُونَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّانِيَيْنِ شَاهِدَانِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ إذْ هُوَ حَقٌّ يُؤْخَذُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا. وَرُدَّ بِأَنَّ الْيَمِينَ لَا مَدْخَلَ لَهَا هُنَا فَلَيْسَ هُوَ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ.
قَالَ جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ: وَالْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا نُسِبَتْ إلَى الزِّنَا. فَإِنْ شَهِدَ عَلَيْهَا أَرْبَعَةُ رِجَالٍ أَحْرَارٍ عُدُولٍ أَنَّهَا زَنَتْ أُمْسِكَتْ فِي بَيْتٍ مَحْبُوسَةً إلَى أَنْ تَمُوتَ، أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهَا سَبِيلًا. وَقَالَ أَبُو مُسْلِمٍ: الْمُرَادُ مِنْ الْفَاحِشَةِ هُنَا السِّحَاقُ وَحَدُّ فَاعِلَتِهِ الْحَبْسُ إلَى الْمَوْتِ. وَمِنْ قَوْله تَعَالَى: {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ} [النساء: 16] أَهْلُ

نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 2  صفحه : 214
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست