responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 2  صفحه : 198
صُنْعًا. وَمِنْ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ مُصْلِحُونَ {أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ} [البقرة: 12] وَمَتَى تَنَزَّهَ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ فَهُوَ مَحَلُّ اشْتِبَاهٍ، وَلِحَالِهِ مِيزَانٌ يَقْضِي بِكَمَالِهِ تَارَةً وَنَقْصِهِ أُخْرَى، فَمَتَى رَأَى أَنَّهُ كَمُكْرَهٍ فِي دُخُولِهِ عَلَيْهِمْ، وَيَوَدُّ أَنَّهُ لَوْ كُفِيَ بِغَيْرِهِ وَانْتَصَرَ الْمَظْلُومُ بِسِوَاهُ وَلَا يَتَبَجَّحُ بِصُحْبَتِهِمْ، فَلَا يَجْرِي فِي فَلَتَاتِ لِسَانِهِ قُلْت لِلسُّلْطَانِ مَثَلًا وَلَا انْتَصَرَ بِي فُلَانٌ وَنَحْوَهُ، وَلَوْ قَدَّمَ السُّلْطَانُ عَلَيْهِ أَحَدًا وَقَرَّبَهُ وَاعْتَقَدَهُ وَقَامَ بِمَا كَانَ قَائِمًا بِهِ لَمَا شَقَّ عَلَيْهِ بَلْ يَجِدُ لَهُ انْشِرَاحًا إذْ أَجَارَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ هَذِهِ الْفِتْنَةِ الْعَظِيمَةِ فَهُوَ صَحِيحُ الْقَصْدِ مَأْجُورٌ مُثَابٌ الثَّوَابَ الْجَزِيلَ، وَمَتَى لَمْ تُوجَدْ فِيهِ جَمِيعُ هَذِهِ الْخِصَالِ، فَهُوَ فَاسِدُ النِّيَّةِ هَالِكٌ، إذْ قَصْدُهُ طَلَبُ الْمَنْزِلَةِ وَالتَّمْيِيزُ عَلَى الْأَقْرَانِ.
وَلِنُتَمَّمَ هَذَا الْمَبْحَثَ بِذِكْرِ أَحَادِيثَ وَآثَارٍ أُخْرَى ذَكَرَهَا بَعْضُهُمْ وَعُهْدَةُ أَكْثَرِهَا عَلَيْهِ، كَحَدِيثِ: «إنَّ رِجَالًا يَتَخَوَّضُونَ فِي مَالِ اللَّهِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَلَهُمْ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . وَحَدِيثِ: «مَنْ ظَلَمَ شِبْرًا مِنْ أَرْضٍ طَوَّقَهُ اللَّهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . وَفِي بَعْضِ الْكُتُبِ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: «اشْتَدَّ غَضَبِي عَلَى مَنْ ظَلَمَ مَنْ لَا يَجِدُ لَهُ نَاصِرًا غَيْرِي» . وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ بَعْضِهِمْ:
لَا تَظْلِمَنَّ إذَا مَا كُنْتَ مُقْتَدِرًا ... فَالظُّلْمُ تَرْجِعُ عُقْبَاهُ إلَى النَّدَمِ
تَنَامُ عَيْنَاك وَالْمَظْلُومُ مُنْتَبِهٌ ... يَدْعُو عَلَيْك وَعَيْنُ اللَّهِ لَمْ تَنِمْ
وَقَوْلُ الْآخَرِ:
إذَا مَا الظَّلُومُ اسْتَوْطَأَ الْأَرْضَ مَرْكَبًا ... وَلَجَّ غُلُوًّا فِي قَبِيحِ اكْتِسَابِهِ
فَكِلْهُ إلَى صَرْفِ الزَّمَانِ فَإِنَّهُ ... سَيُبْدِي لَهُ مَا لَمْ يَكُنْ فِي حِسَابِهِ
وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: لَا تَظْلِمَنَّ الضُّعَفَاءَ فَتَكُنْ مِنْ شِرَارِ الْأَقْوِيَاءِ: وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: إنَّ الْحُبَارَى لَتَمُوتُ هَوْلًا فِي وَكْرِهَا مِنْ ظُلْمِ الظَّالِمِ. وَقِيلَ مَكْتُوبٌ فِي التَّوْرَاةِ: يُنَادِي مُنَادٍ مِنْ وَرَاءِ الْجِسْرِ يَعْنِي الصِّرَاطَ يَا مَعْشَرَ الْجَبَابِرَةِ الطُّغَاةِ، وَيَا مَعْشَرَ الْمُتْرَفِينَ الْأَشْقِيَاءِ، إنَّ اللَّهَ يَحْلِفُ بِعِزَّتِهِ أَنْ لَا يُجَاوِزَ هَذَا الْجِسْرَ الْيَوْمَ ظُلْمُ ظَالِمٍ. وَعَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «لَمَّا رَجَعَتْ مُهَاجِرَةُ الْحَبَشَةِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: أَلَا تُخْبِرُونِي بِأَعْجَبَ مَا رَأَيْتُمْ فِي أَرْضِ الْحَبَشَةِ؟ فَقَالَ قُتَيْبَةُ وَكَانَ مِنْهُمْ: بَلَى يَا

نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 2  صفحه : 198
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست