responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 2  صفحه : 172
عَلَى كُلِّ ذَاتٍ بِأَنَّهُمَا مَلَكٌ فِي زَمَنٍ يَجُوزُ فِيهِ إنْزَالُ الْمَلَائِكَةِ، كَمَا أَنَّ صُورَةَ دِحْيَةَ مَنْ كَانَ يَرَاهَا بَعْدَ عِلْمِهِ أَنَّ جِبْرِيلَ يَنْزِلُ فِيهَا لَا يَقْطَعُ بِأَنَّهَا صُورَةُ دِحْيَةَ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا جِبْرِيلُ، وَقَدْ أَجَابَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ عَنْ تِلْكَ الْحُجَجِ بِمَا لَا يُجْدِي بَلْ بِمَا فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُفَسِّرِينَ ذَكَرُوا لِهَذَيْنِ الْمَلَكَيْنِ قِصَّةً عَظِيمَةً طَوِيلَةً. حَاصِلُهَا أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَمَّا اعْتَرَضُوا بِقَوْلِهِمْ {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} [البقرة: 30] وَمَدَحُوا أَنْفُسَهُمْ بِقَوْلِهِمْ: {وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ} [البقرة: 30] أَرَاهُمْ اللَّهُ - تَعَالَى - مَا يَدْفَعُ دَعْوَاهُمْ، فَرَكَّبَ فِي هَارُوتَ وَمَارُوتَ مِنْهُمْ شَهْوَةً، وَأَنْزَلَهُمَا حَاكِمَيْنِ فِي الْأَرْضِ فَافْتُتِنَا بِالزَّهْرَةِ مُثِّلَتْ لَهُمَا مِنْ أَجْمَلِ النِّسَاءِ فَلَمَّا وَقَعَا بِهَا خُيِّرَا بَيْنَ عَذَابَيْ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَاخْتَارَا عَذَابَ الدُّنْيَا فَهُمَا يُعَذَّبَانِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
وَنَازَعَ جَمَاعَةٌ فِي أَصْلِ ثُبُوتِ هَذِهِ الْقِصَّةِ، وَلَيْسَ كَمَا زَعَمُوا لِوُرُودِ الْحَدِيثِ بَلْ صِحَّتُهُ بِهَا، وَسَيَأْتِي لَفْظُهُ فِي مَبْحَثِ الْخَمْرِ، وَمِنْ جُمْلَتِهِ أَنَّهَا لَمَّا مُثِّلَتْ لَهُمَا وَرَاوَدَاهَا عَنْ نَفْسِهَا أَمَرَتْهُمَا بِالشِّرْكِ فَامْتَنَعَا، ثُمَّ بِالْقَتْلِ فَامْتَنَعَا ثُمَّ بِشُرْبِ الْخَمْرِ فَشَرِبَاهَا ثُمَّ وَقَعَا بِهَا وَقُتِلَا، ثُمَّ أَخْبَرَتْهُمَا بِمَا فَعَلَتَاهُ فَخُيِّرَا كَمَا ذُكِرَ.
وَمِنْ الْمُنَازَعِينَ الْفَخْرُ قَالَ: هَذِهِ الْقِصَّةُ رِوَايَةٌ فَاسِدَةٌ مَرْدُودَةٌ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا بَلْ فِيهِ مَا يُبْطِلُهَا مِنْ وُجُوهٍ: الْأَوَّلُ: عِصْمَةُ الْمَلَائِكَةِ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ. وَيُجَابُ بِأَنَّ مَحَلَّ الْعِصْمَةِ مَا دَامُوا بِوَصْفِ الْمَلَائِكَةِ، أَمَّا إذَا انْتَقِلُوا إلَى وَصْفِ الْإِنْسَانِ فَلَا. عَلَى أَنَّهُ يُعْلَمُ مِنْ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ أَنَّ مَا وَقَعَ لَهُمَا إنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ التَّمْثِيلِ لَا الْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّ الزَّهْرَةَ تَمَثَّلَتْ لَهُمَا امْرَأَةً وَفَعَلَتْ بِهِمَا مَا مَرَّ دَفْعًا لِقَوْلِهِمْ: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ} [البقرة: 30] كَمَا يَأْتِي ذِكْرُ ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ.
الثَّانِي: زَعْمُ أَنَّهُمَا خُيِّرَا بَيْنَ الْعَذَابَيْنِ فَاسِدٌ، بَلْ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُخَيَّرَا بَيْنَ التَّوْبَةِ وَالْعَذَابِ لِأَنَّ اللَّهَ خَيَّرَ بَيْنَهُمَا مَنْ أَشْرَكَ طَوَالَ عُمُرِهِ فَهَذَانِ أَوْلَى. وَيُجَابُ بِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا فُعِلَ تَغْلِيظًا فِي الْعُقُوبَةِ عَلَيْهِمَا، وَلَا يُقَاسَانِ بِمَنْ أَشْرَكَ؛ لِأَنَّ الْأُمُورَ التَّوْقِيعِيَّةَ لَا مَجَالَ فِيهَا. الثَّالِثُ: مِنْ أَعْجَبْ الْأُمُورِ أَنَّهُمَا يُعَلِّمَانِ النَّاسَ السِّحْرَ فِي حَالِ كَوْنِهِمَا يُعَذَّبَانِ

نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 2  صفحه : 172
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست