responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 2  صفحه : 168
قَبِيحٌ فِي ذَاتِهِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ قَبِيحًا لِذَاتِهِ، وَإِنَّمَا قُبْحُهُ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ؛ وَمَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ إفْتَاءَهُ بِوُجُوبِ الْقَوَدِ أَوْ عَدَمِهِ لَا يَسْتَلْزِمُ مَعْرِفَتَهُ عِلْمَ السِّحْرِ؛ لِأَنَّ صُورَةَ إفْتَائِهِ إنْ شَهِدَ عَدْلَانِ عَرَفَا السِّحْرَ وَتَابَا مِنْهُ أَنَّهُ يَقْتُلُ غَالِبًا قَتْلَ السَّاحِرِ، وَإِلَّا فَلَا، وَكَذَا الْعِلْمُ بِالْمُعْجِزَةِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْعِلْمِ بِالسِّحْرِ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ الْعُلَمَاءِ أَوْ كُلَّهُمْ إلَّا النَّادِرَ عَرَفُوا الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا وَلَمْ يَعْرِفُوا عِلْمَ السِّحْرِ، وَكَفَى فَارِقًا بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمُعْجِزَةَ تَكُونُ مَقْرُونَةً بِالتَّحَدِّي بِخِلَافِ السِّحْرِ، فَبَطَلَ قَوْلُ الْفَخْرِ لَمَّا أَمْكَنَ الْفَرْقُ إلَخْ.
وَأَمَّا كَوْنُهُ خَارِقًا؛ فَهُوَ أَمْرٌ يَشْتَرِكُ فِيهِ السِّحْرُ وَالْمُعْجِزَةُ، وَإِنَّمَا يَفْتَرِقَانِ بِاقْتِرَابِهَا بِالتَّحَدِّي بِخِلَافِهِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ ظُهُورُهُ عَلَى يَدِ مُدَّعِي نُبُوَّةٍ كَاذِبًا كَمَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الْمُسْتَمِرَّةُ صَوْنًا لِهَذَا الْمَنْصِبِ الْجَلِيلِ عَنْ أَنْ يَتَسَوَّرَ حِمَاهُ الْكَذَّابُونَ. وَقَدْ مَرَّ عَنْ الْقُرْطُبِيِّ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي السِّحْرِ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ عِنْدَهُ إنْزَالَ الْجَرَادِ وَغَيْرِهِ مِمَّا سَبَقَ، فَهَذَا وَنَحْوُهُ مِمَّا يَجِبُ الْقَطْعُ بِأَنَّهُ لَا يَكُونُ وَلَا يَفْعَلُهُ اللَّهُ عِنْدَ إرَادَةِ السَّاحِرِ.
قَالَ الْقَاضِي الْبَاقِلَّانِيُّ: وَإِنَّمَا مَنَعْنَا ذَلِكَ لِلْإِجْمَاعِ وَلَوْلَاهُ لَأَجَزْنَاهُ؛ انْتَهَى. وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ الْقُرْطُبِيُّ قَوْله تَعَالَى عَنْ حِبَالِ سَحَرَةِ فِرْعَوْنَ: {وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} [طه: 66] فَأَخْبَرَ عَنْ الْعِصِيِّ وَالْحِبَالِ بِأَنَّهَا حَيَّاتٌ، وَلَيْسَ هَذَا الْإِيرَادُ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْمُجْمَعَ عَلَيْهِ نَفْيُ الِانْقِلَابِ حَقِيقَةً وَهَذَا تَخْيِيلٌ. أَلَا تَرَى إلَى قَوْله تَعَالَى: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ} [طه: 66] . وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي السَّاحِرِ هَلْ يَكْفُرُ أَوْ لَا؟ وَلَيْسَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ النَّوْعَانِ الْأَوَّلَانِ مِنْ أَنْوَاعِ السَّحَرِ السَّابِقَةِ إذْ لَا نِزَاعَ فِي كُفْرِ مَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ الْكَوَاكِبَ مُؤَثِّرَةٌ لِهَذَا الْعَالَمِ، أَوْ أَنَّ الْإِنْسَانَ يَصِلُ بِالتَّصْفِيَةِ إلَى أَنْ تَصِيرَ نَفْسُهُ مُؤَثِّرَةً فِي إيجَادِ جِسْمٍ أَوْ حَيَاةٍ أَوْ تَغْيِيرِ شَكْلٍ.
وَأَمَّا النَّوْعُ الثَّالِثُ وَهُوَ أَنْ يَعْتَقِدَ السَّاحِرُ أَنَّهُ بَلَغَ فِي التَّصْفِيَةِ وَقِرَاءَةِ الرُّقَى وَتَدْخِينِ بَعْضِ الْأَدْوِيَةِ إلَى أَنَّ الْجِنَّ تُطِيعُهُ فِي تَغْيِيرِ الْبِنْيَةِ وَالشَّكْلِ، فَالْمُعْتَزِلَةُ يُقِرُّونَهُ دُونَ غَيْرِهِمْ. وَأَمَّا بَقِيَّةُ أَنْوَاعِهِ: فَقَالَ جَمَاعَةٌ إنَّهَا كُفْرٌ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْيَهُودَ لَمَّا أَضَافُوا السِّحْرَ لِسُلَيْمَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ - تَعَالَى - تَنْزِيهًا لَهُ عَنْهُ: {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} [البقرة: 102] فَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُمْ إنَّمَا كَفَرُوا بِتَعْلِيمِهِمْ السِّحْرَ، لِأَنَّ تَرْتِيبَ الْحُكْمِ عَلَى الْوَصْفِ

نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 2  صفحه : 168
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست