responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 2  صفحه : 146
بِصَخْرَةٍ فَشَدَخَهُ، ثُمَّ رَكِبَ بَعِيرًا مِنْهَا وَسَاقَ بَقِيَّتَهَا رَاجِعًا إلَى مَكَّةَ كَافِرًا فَنَزَلَ فِيهِ: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} [النساء: 93] أَيْ بِكُفْرِهِ وَارْتِدَادِهِ، وَهُوَ الَّذِي اسْتَثْنَاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ مِمَّنْ أَمَّنَهُ فَقُتِلَ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ» ، {وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء: 93] وَذَكَرَ - تَعَالَى - الْعَمْدَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَالْخَطَأَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا وَلَمْ يَذْكُرْ فِي كِتَابِهِ شِبْهَ الْعَمْدِ، فَلِذَا اخْتَلَفَ الْأَئِمَّةُ فِي إثْبَاتِهِ؛ فَأَثْبَتَهُ الشَّافِعِيُّ كَالْأَكْثَرِينَ، وَنَفَاهُ مَالِكٌ وَجَمَاعَةٌ وَقَالُوا فِيمَنْ قُتِلَ بِمَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا كَعَضَّةٍ وَلَطْمَةٍ وَضَرْبَةٍ بِسَوْطٍ إنَّهُ عَمْدٌ وَفِيهِ الْقَوَدُ أَيْضًا.
وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ دِيَةَ الْعَمْدِ فِي مَالِ الْجَانِي وَدِيَةَ الْخَطَأِ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَاخْتَلَفُوا فِي دِيَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ فَقَالَ جَمْعٌ إنَّهَا عَلَى الْجَانِي وَالْأَكْثَرُونَ أَنَّهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ. وَاعْلَمْ أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي حُكْمِ هَذِهِ الْآيَةِ. فَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: «أَنَّ قَاتِلَ الْمُؤْمِنِ عَمْدًا لَا تَوْبَةَ لَهُ، فَقِيلَ لَهُ أَلَيْسَ قَدْ قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى - فِي سُورَةِ الْفُرْقَانِ: {وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ} [الفرقان: 68] إلَى قَوْلِهِ {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} [الفرقان: 68] ثُمَّ قَالَ - تَعَالَى -: {إِلا مَنْ تَابَ} [الفرقان: 70] فَقَالَ: كَانَ ذَلِكَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَذَلِكَ أَنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ كَانُوا قَتَلُوا وَزَنَوْا، فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالُوا إنَّ الَّذِي تَدْعُو إلَيْهِ لَحَسَنٌ لَوْ تُخْبِرُنَا أَنَّ لِمَا عَمِلْنَاهُ كَفَّارَةً فَنَزَلَ: {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} [الفرقان: 68] إلَى قَوْله تَعَالَى {إِلا مَنْ تَابَ} [الفرقان: 70] فَهَذِهِ لِأُولَئِكَ. وَأَمَّا الَّتِي فِي سُورَةِ النِّسَاءِ فَالرَّجُلُ إذَا عَرَفَ الْإِسْلَامَ وَشَرَائِعَهُ ثُمَّ قَتَلَ فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ» .
وَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لَمَّا نَزَلَتْ الَّتِي فِي الْفُرْقَانِ: أَيْ وَهِيَ الْمَذْكُورَةُ عَجِبْنَا مِنْ لِينِهَا، فَلَبِثْنَا سَبْعَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ نَزَلَتْ الْغَلِيظَةُ: أَيْ آيَةُ النِّسَاءِ بَعْدَ اللَّيِّنَةِ فَنُسِخَتْ اللَّيِّنَةُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: آيَةُ الْفُرْقَانِ آيَةٌ مَكِّيَّةٌ وَهَذِهِ مَدَنِيَّةٌ نَزَلَتْ وَلَمْ يَنْسَخْهَا شَيْءٌ، وَذَهَبَ أَهْلُ السُّنَّةِ إلَى قَبُولِ تَوْبَةِ الْقَاتِلِ مُطْلَقًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} [طه: 82] وقَوْله تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] وَأَجَابُوا عَمَّا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ بِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ عَنْهُ إنَّمَا أَرَادَ بِهِ الْمُبَالَغَةَ وَالزَّجْرَ وَالتَّنْفِيرَ عَنْ الْقَتْلِ، وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ دَلِيلٌ لِلْمُعْتَزِلَةِ وَنَحْوِهِمْ مِمَّنْ يَقُولُ بِتَخْلِيدِ مُرْتَكِبِ الْكَبِيرَةِ فِي النَّارِ؛ لِأَنَّهَا نَزَلَتْ فِي قَاتِلِ كَافِرٍ كَمَا مَرَّ، وَعَلَى التَّنَزُّلِ لِمَا يَأْتِي فَهِيَ فِيمَنْ قَتَلَ مُسْتَحِلًّا لِلْقَتْلِ الْمُحَرَّمِ بِالْإِجْمَاعِ الْمَعْلُومِ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ وَاسْتِحْلَالُ ذَلِكَ كُفْرٌ كَمَا مَرَّ أَوَائِلَ الْكِتَابِ: قِيلَ

نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 2  صفحه : 146
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست