responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 2  صفحه : 144
لَا دَافِعَ لَهُ، وَإِنَّمَا خُصَّ الْكَتْبُ بِبَنِي إسْرَائِيلَ مَعَ أَنَّهُ جَارٍ فِي أَكْثَرِ الْأُمَمِ تَغْلِيظًا عَلَى الْيَهُودِ وَبَيَانًا لِخَسَارِهِمْ الْأَكْبَرِ؛ لِأَنَّهُمْ مَعَ عِلْمِهِمْ بِمَا وَقَعَ لِقَابِيلَ مِنْ الْخَسَارِ وَالنَّدَمِ مَعَ أَنَّ أَخَاهُ الْمَقْتُولَ لَمْ يَكُنْ نَبِيًّا أَقْدَمُوا عَلَى قَتْلِ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى غَايَةِ قَسَاوَةِ قُلُوبِهِمْ وَبُعْدِهَا عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ - تَعَالَى -.
وَأَيْضًا فَالْغَرَضُ مِنْ ذِكْرِ هَذِهِ الْقِصَصِ تَسْلِيَةُ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَمَّا وَقَعَ مِنْهُمْ مِنْ الْعَزْمِ عَلَى الْفَتْكِ بِهِ وَبِأَصْحَابِهِ فَخُصُّوا بِالذِّكْرِ لِذَلِكَ، ثُمَّ قَوْله تَعَالَى: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ} [المائدة: 32] اسْتَدَلَّ بِهِ الْقَائِلُونَ بِالْقِيَاسِ عَلَى أَنَّ أَفْعَالَهُ - تَعَالَى - قَدْ تُعَلَّلُ. وَالْمُعْتَزِلَةُ عَلَى أَنَّ أَفْعَالَهُ - تَعَالَى - مُعَلَّلَةٌ بِمَصَالِحِ الْعِبَادِ، فَيَمْتَنِعُ خَلْقُهُ لِلْكُفْرِ وَالْقَبَائِحِ فِيهِمْ وَإِرَادَتُهُ وُقُوعَهَا مِنْهُمْ، لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَكُونُ مُرَاعِيًا لِمَصَالِحِهِمْ.
وَأَجَابَ الْقَائِلُونَ بِاسْتِحَالَةِ تَعْلِيلِ أَحْكَامِهِ - تَعَالَى - بِأَنَّ الْعِلَّةَ إنْ كَانَتْ قَدِيمَةً لَزِمَ قِدَمُ الْمَعْلُولِ أَوْ مُحْدَثَةً لَزِمَ تَعْلِيلُهَا بِعِلَّةٍ أُخْرَى وَلَزِمَ التَّسَلْسُلُ وَبِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مُعَلَّلَةً بِعِلَّةٍ فَوُجُودُ تِلْكَ الْعِلَّةِ وَعَدَمُهَا بِالنِّسْبَةِ إلَى اللَّهِ - تَعَالَى - إنْ كَانَ سَوَاءٌ امْتَنَعَ كَوْنُهُ عِلَّةً أَوْ غَيْرَ سَوَاءٍ فَأَحَدُهُمَا بِهِ أَوْلَى، وَذَلِكَ يَقْتَضِي كَوْنَهُ مُسْتَفِيدًا تِلْكَ الْأَوْلَوِيَّةَ مِنْ ذَلِكَ الْفِعْلِ عَلَى الدَّوَاعِي وَيَمْتَنِعُ وُقُوعُ التَّسَلْسُلِ فِي الدَّوَاعِي بَلَى يَجِبُ انْتِهَاؤُهَا إلَى الدَّاعِيَةِ الْأُولَى الَّتِي حَدَثَتْ فِي الْعَبْدِ لَا مِنْهُ بَلْ مِنْ اللَّهِ - تَعَالَى -، وَحِينَئِذٍ فَالْكُلُّ مِنْهُ فَيَمْتَنِعُ تَعْلِيلُ أَحْكَامِهِ - تَعَالَى - وَأَفْعَالُهُ بِرِعَايَةِ الْمَصَالِحِ، فَظَاهِرُ هَذِهِ الْآيَةِ غَيْرُ مُرَادٍ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ حِكْمَةُ شَرْعِ هَذَا الْحُكْمِ لَهُمْ: وَقَدْ قَالَ - تَعَالَى -: {قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعًا} [المائدة: 17] فَهَذَا نَصٌّ فِي أَنَّهُ يَحْسُنُ مِنْ اللَّهِ كُلُّ شَيْءٍ لَا يَتَوَقَّفُ خَلْقُهُ وَحُكْمُهُ عَلَى رِعَايَةِ الْمَصَالِحِ أَلْبَتَّةَ، وقَوْله تَعَالَى: {أَوْ فَسَادٍ} [المائدة: 32] هُوَ بِالْجَرِّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ عَطْفًا عَلَى نَفْسٍ: أَيْ أَوْ بِغَيْرِ فَسَادٍ احْتِرَازًا مِنْ الْقَتْلِ لِلْفَسَادِ كَالْقَوَدِ وَالْكُفْرِ وَالزِّنَا بَعْدَ الْإِحْصَانِ وَقَطْعِ الطَّرِيقِ وَنَحْوِهِ.
وَجُعِلَ قَتْلُ النَّفْسِ الْوَاحِدَةِ كَقَتْلِ جَمِيعِ النَّاسِ مُبَالَغَةً فِي تَعْظِيمِ أَمْرِ الْقَتْلِ الظُّلْمِ وَتَفْخِيمًا لِشَأْنِهِ: أَيْ كَمَا أَنَّ قَتْلَ جَمِيعِ النَّاسِ أَمْرٌ عَظِيمُ الْقُبْحِ عِنْدَ كُلِّ أَحَدٍ فَكَذَلِكَ قَتْلُ الْوَاحِدِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ، فَالْمُرَادُ مُشَارَكَتُهُمَا فِي أَصْلِ الِاسْتِعْظَامِ لَا فِي قَدْرِهِ، إذْ تَشْبِيهُ أَحَدِ النَّظِيرَيْنِ بِالْآخَرِ لَا يَقْتَضِي مُسَاوَاتَهُمَا مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ، وَأَيْضًا فَالنَّاسُ لَوْ عَلِمُوا مِنْ إنْسَانٍ أَنَّهُ يُرِيدُ قَتْلَهُمْ جَدُّوا فِي دَفْعِهِ وَقَتْلِهِ، فَكَذَا يَلْزَمُهُمْ إذَا عَلِمُوا مِنْ إنْسَانٍ أَنَّهُ يُرِيدُ قَتْلَ آخَرَ ظُلْمًا أَنْ يَجِدُّوا فِي دَفْعِهِ، وَأَيْضًا مَنْ فَعَلَ قَتْلًا ظُلْمًا

نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 2  صفحه : 144
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست