responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 2  صفحه : 107
فَقَالَ: يَا ابْنَ عُمَرَ أَتَرَى أَنِّي جَزَيْتهَا؟ قَالَ: لَا وَلَا بِطَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَكِنَّك أَحْسَنْت وَاَللَّهُ يُثِيبُك عَلَى الْقَلِيلِ كَثِيرًا. «وَجَاءَ رَجُلٌ إلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ فَقَالَ: يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ إنَّ لِي امْرَأَةً وَإِنَّ أُمِّيَ تَأْمُرُنِي بِطَلَاقِهَا فَقَالَ سَمِعْت رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: الْوَالِدَةُ أَوْسَطُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ فَإِنْ شِئْت فَأَضِعْ ذَلِكَ الْبَابَ أَوْ احْفَظْهُ» . وَقَالَ - تَعَالَى -: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ} [لقمان: 14] فَانْظُرْ - وَفَّقَنِي اللَّهُ وَإِيَّاكَ - كَيْفَ قَرَنَ شُكْرَهُمَا بِشُكْرِهِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: ثَلَاثُ آيَاتٍ نَزَلَتْ مَقْرُونَةً بِثَلَاثٍ لَمْ تُقْبَلْ مِنْهَا وَاحِدَةٌ بِغَيْرِ قَرِينَتِهَا. إحْدَاهَا: قَوْله تَعَالَى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [النساء: 59] فَمَنْ أَطَاعَ اللَّهَ وَلَمْ يُطِعْ رَسُولَهُ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ. وَالثَّانِيَةُ قَوْله تَعَالَى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43] فَمَنْ صَلَّى وَلَمْ يُزَكِّ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ. الثَّالِثَةُ قَوْله تَعَالَى: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ} [لقمان: 14] فَمَنْ شَكَرَ اللَّهَ وَلَمْ يَشْكُرْ وَالِدَيْهِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ، وَلِذَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «رِضَا اللَّهِ فِي رِضَا الْوَالِدَيْنِ وَسَخَطُ اللَّهِ فِي سَخَطِ الْوَالِدَيْنِ» .
وَصَحَّ «أَنَّ رَجُلًا جَاءَ يَسْتَأْذِنُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْجِهَادِ مَعَهُ، فَقَالَ أَحَيٌّ وَالِدَاك؟ قَالَ نَعَمْ، قَالَ فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ» . فَانْظُرْ كَيْفَ فَضَّلَ بِرَّ الْوَالِدَيْنِ وَخِدْمَتَهُمَا عَلَى الْجِهَادِ مَعَهُ، وَسَيَأْتِي فِي حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ: «أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ؟ الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ» . فَانْظُرْ كَيْفَ قَرَنَ الْإِسَاءَةَ إلَيْهِمَا وَعَدَمَ الْبِرِّ وَالْإِحْسَانِ إلَيْهِمَا بِالْإِشْرَاكِ بِاَللَّهِ - تَعَالَى -، وَأَكَّدَ ذَلِكَ بِأَمْرِهِ بِمُصَاحَبَتِهِمَا بِالْمَعْرُوفِ وَإِنْ كَانَا يُجَاهِدَانِ الْوَلَدَ عَلَى أَنْ يُشْرِكَ بِاَللَّهِ - تَعَالَى -.
قَالَ - تَعَالَى -: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ} [لقمان: 15] فَإِذَا أَمَرَ اللَّهُ - تَعَالَى - بِمُصَاحَبَةِ هَذَيْنِ بِالْمَعْرُوفِ مَعَ هَذَا الْقُبْحِ الْعَظِيمِ الَّذِي يَأْمُرَانِ وَلَدَهُمَا بِهِ وَهُوَ الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ - تَعَالَى - فَمَا الظَّنُّ بِالْوَالِدَيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ سِيَّمَا إنْ كَانَا صَالِحَيْنِ، تَاللَّهِ إنَّ حَقَّهُمَا لَمِنْ أَشَدِّ الْحُقُوقِ وَآكَدِهَا وَإِنَّ الْقِيَامَ بِهِ عَلَى وَجْهِهِ أَصْعَبُ الْأُمُورِ وَأَعْظَمُهَا، فَالْمُوَفَّقُ مَنْ هُدِيَ إلَيْهَا وَالْمَحْرُومُ كُلُّ الْمَحْرُومِ مَنْ صُرِفَ عَنْهَا.
وَقَدْ جَاءَ فِي السُّنَّةِ مِنْ التَّأْكِيدِ فِي ذَلِكَ مَا لَا تُحْصَى كَثْرَتُهُ وَلَا تُحَدُّ غَايَتُهُ؛ فَمِنْ ذَلِكَ أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ ثَلَاثًا؟ قُلْنَا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ، وَعُقُوقُ

نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 2  صفحه : 107
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست