responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 59
شَابَتْ مَفَارِقُهُ. وَقُرِئَ شَاذًّا أَيْضًا نُنَحِّيكَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ نُلْقِيك بِنَاحِيَةٍ مِمَّا يَلِي الْبَحْرَ.
قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: رَمَاهُ إلَى جَانِبِ الْبَحْرِ كَالثَّوْرِ لِيَكُونَ لِمَنْ خَلْفَهُ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ وَغَيْرِهِمْ عَلَامَةً عَلَى أَنَّ مِثْلَهُ مِمَّنْ تَجَبَّرَ وَتَكَبَّرَ عَلَى اللَّهِ لَا بُدَّ وَأَنْ يُقْصَمَ وَيُؤْخَذَ عَلَى غَايَةٍ مِنْ الذِّلَّةِ وَالْمَهَانَةِ، لِيَنْزَجِرَ النَّاسُ عَنْ طَرِيقَتِهِ مَعَ مَا فِي تَخْصِيصِهِ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ قَوْمِهِ بِالْإِخْرَاجِ مِنْ الدَّلَالَةِ عَلَى بَاهِرِ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِدْقِ مُوسَى فِيمَا جَاءَ بِهِ، ثُمَّ خَتَمَ تَعَالَى هَذَا الْمَقَامَ عَزَّ قَائِلًا: {وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ} [يونس: 92] زَجْرًا لِهَذِهِ الْأُمَّةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ عَنْ الْإِعْرَاضِ عَنْ الدَّلَائِلِ وَحَثًّا لَهُمْ عَلَى التَّأَمُّلِ فِيهَا وَالِاعْتِبَارِ بِهَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُولِي الأَلْبَابِ} [يوسف: 111] .
وَمِنْهَا: دَلَّتْ الْآيَاتُ وَالْأَحَادِيثُ عَلَى أَنَّ عَذَابَ الْكُفَّارِ فِي جَهَنَّمَ دَائِمٌ مُؤَبَّدٌ وَمَا وَرَدَ مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ يَجِبُ تَأْوِيلُهُ، فَمِنْ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [هود: 107] فَظَاهِرُهُ أَنَّ مُدَّةَ عِقَابِهِمْ مُسَاوِيَةٌ لِمُدَّةِ بَقَاءِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ إلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ مِنْ هَذِهِ الْمُدَّةِ فَلَا يَكُونُونَ فِيهِ خَالِدِينَ فِيهَا، وَقَدْ أَوَّلَهُ الْعُلَمَاءُ بِنَحْوِ عِشْرِينَ وَجْهًا يَرْجِعُ بَعْضُهَا إلَى حِكْمَةِ التَّقْيِيدِ بِمُدَّةِ دَوَامِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَبَعْضُهَا إلَى حِكْمَةِ الِاسْتِثْنَاءِ وَمَعْنَاهُ.
فَمِنْ الْأَوَّلِ: أَنَّ الْمُرَادَ سَمَوَاتُ الْجَنَّةِ وَأَرْضُهَا؛ إذْ السَّمَاءُ كُلُّ مَا عَلَاك، وَالْأَرْضُ كُلُّ مَا اسْتَقْرَيْتَ عَلَيْهِ، وَكَوْنُ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ لَهُمَا سَمَاءٌ وَأَرْضٌ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ أَمْرٌ قَطْعِيٌّ لَا يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ، فَانْدَفَعَ التَّنْظِيرُ فِي هَذَا الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ حَمْلُ مَا فِي الْآيَةِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ لِلْمُخَاطَبِينَ أَوْ سَمَوَاتِ الدُّنْيَا وَأَرْضِهَا، وَأُجْرِيَ ذَلِكَ عَلَى عَادَاتِ الْعَرَبِ فِي الْإِخْبَارِ عَنْ دَوَامِ الشَّيْءِ وَتَأْبِيدِهِ بِذَلِكَ وَنَحْوِهِ كَقَوْلِهِمْ: لَا آتِيك مَا دَامَتْ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ، أَوْ مَا جَنَّ لَيْلٌ وَسَالَ سَيْلٌ، أَوْ مَا اخْتَلَفَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، أَوْ مَا طَمَا الْبَحْرُ، أَوْ مَا قَامَ الْجَبَلُ، لِأَنَّهُ تَعَالَى يُخَاطِبُ الْعَرَبَ عَلَى عُرْفِهِمْ فِي كَلَامِهِمْ.
وَهَذِهِ الْأَلْفَاظُ فِي عُرْفِهِمْ تُفِيدُ الْأَبَدَ وَالدَّوَامَ، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ جَمِيعَ الْأَشْيَاءِ الْمَخْلُوقَةِ أَصْلُهَا مِنْ نُورِ الْعَرْشِ، وَأَنَّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي الْآخِرَةِ يُرَدَّانِ إلَى النُّورِ الَّذِي خُلِقَا مِنْهُ وَهُمَا دَائِمَانِ أَبَدًا مِنْ نُورِ الْعَرْشِ، ثُمَّ هَذَا الْجَوَابُ إنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ بِنَاءً

نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 59
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست