responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 417
أَمْوَالِهِمْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ الْأَنْعَامُ، وَهِيَ يُؤْكَلُ لَحْمُهَا وَيُشْرَبُ لَبَنُهَا، أَوْ لِكَوْنِهِ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ، وَالسَّعِيرُ الْجَمْرُ الْمُتَّقِدُ مِنْ سَعَّرْت النَّارَ أَوْقَدْتهَا وَلِشِدَّةِ الْوَعِيدِ الَّذِي تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الْآيَةُ قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: أَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ مُجَرَّبٌ لِسُوءِ الْخَاتِمَةِ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ.
وَمِنْ ثَمَّ لَمَّا نَزَلَتْ الْآيَةُ تَحَرَّجَ الصَّحَابَةُ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - وَامْتَنَعُوا مِنْ مُخَالَطَةِ الْيَتَامَى حَتَّى نَزَلَ قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ} [البقرة: 220] وَزَعْمُ أَنَّ هَذِهِ نَاسِخَةٌ لِتِلْكَ وَهْمٌ فَاحِشٌ لِأَنَّ تِلْكَ فِي مَنْعِ أَكْلِهَا ظُلْمًا وَهَذَا لَا يُنْسَخُ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّ مُخَالَطَتَهُمْ الْمَمْنُوعَةَ الشَّدِيدَةَ الْوَعِيدِ وَالْعِقَابِ وَالْعَلَامَةَ عَلَى سُوءِ الْخَاتِمَةِ وَتَأْبِيدِ الْعَذَابِ هِيَ الَّتِي عَلَى وَجْهِ الظُّلْمِ وَإِلَّا كَانَتْ مِنْ أَعْظَمِ الْبِرِّ.
فَالْآيَةُ الْأُولَى فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ وَالثَّانِيَةُ فِي الشِّقِّ الثَّانِي وَهَذَا ظَاهِرٌ جَلِيٌّ، وَقَدْ جَمَعَ تَعَالَى بَيْنَهُمَا فِي قَوْلِهِ عَزَّ قَائِلًا: {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} [الأنعام: 152] : وَقَدْ نَبَّهَ تَعَالَى عَلَى تَأَكُّدِ حَقِّ الْأَيْتَامِ وَمَزِيدِ الِاعْتِنَاءِ بِهِ بِقَوْلِهِ قَبْلَ هَذِهِ الْآيَةِ: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا} [النساء: 9] إذْ الْمُرَادُ بِشَهَادَةِ السِّيَاقِ خِلَافًا لِمَنْ حَمَلَ الْآيَةَ عَلَى أَنَّهَا فِي الْوَصِيَّةِ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ الْحَمْلِ لِمَنْ كَانَ فِي حِجْرِهِ يَتِيمٌ عَلَى أَنَّهُ يُحْسِنُ إلَيْهِ حَتَّى فِي الْخِطَابِ، فَلَا يُخَاطِبُهُ إلَّا بِنَحْوِ يَا بُنَيَّ مِمَّا يُخَاطِبُ بِهِ أَوْلَادَهُ، وَيَفْعَلُ مَعَهُ مِنْ الْبِرِّ وَالْمَعْرُوفِ وَالْإِحْسَانِ وَالْقِيَامِ فِي مَالِهِ مَا يَجِبُ أَنْ يَفْعَلَ بِمَالِهِ وَبِذُرِّيَّتِهِ مِنْ بَعْدِهِ فَإِنَّ الْجَزَاءَ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: 4] أَيْ الْجَزَاءِ.
كَمَا تَدِينُ تُدَانُ: أَيْ كَمَا تَفْعَلُ يُفْعَلُ مَعَك. بَيْنَمَا الْإِنْسَانُ آمِنٌ مُتَصَرِّفٌ فِي مَالِ الْغَيْرِ وَعَلَى أَوْلَادِ غَيْرِهِ، وَإِذَا بِالْمَوْتِ قَدْ حَلَّ بِهِ فَيَجْزِيهِ اللَّهُ تَعَالَى فِي مَالِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَعِيَالِهِ وَسَائِرِ تَعَلُّقَاتِهِ بِنَظِيرِ مَا فَعَلَهُ مَعَ غَيْرِهِ، إنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ، وَإِنْ شَرًّا فَشَرٌّ. فَلْيَخْشَ الْعَاقِلُ عَلَى أَوْلَادِهِ وَمَالِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ خَشْيَةٌ عَلَى دِينِهِ، وَيَتَصَرَّفُ عَلَى الْأَيْتَامِ الَّذِينَ فِي حِجْرِهِ بِمَا يَجِبُ أَنْ يَتَصَرَّفَ وَلِيُّ أَوْلَادِهِ لَوْ كَانُوا أَيْتَامًا عَلَيْهِمْ فِي مَالِهِ.
وَجَاءَ: «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْحَى إلَى دَاوُد صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ: يَا دَاوُد كُنْ لِلْيَتِيمِ كَالْأَبِ الرَّحِيمِ، وَكُنْ لِلْأَرْمَلَةِ كَالزَّوْجِ الشَّفِيقِ» .
وَاعْلَمْ أَنَّك كَمَا تَزْرَعُ كَذَا تَحْصُدُ: أَيْ كَمَا تَفْعَلُ يُفْعَلُ مَعَك، إذْ لَا بُدَّ أَنْ

نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 417
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست