responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 334
وَفَائِدَةُ قَوْلِهِ بِظُلْمٍ بَيَانُ أَنَّ الْإِلْحَادَ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ هُنَا أَصْلَ مَعْنَاهُ وَهُوَ مُطْلَقُ الْمَيْلِ، فَإِنَّهُ قَدْ يَكُونُ إلَى حَقٍّ وَإِلَى بَاطِلٍ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهِ الْمَيْلُ الْمُتَلَبِّسُ بِالظُّلْمِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ أَصْلَ الظُّلْمِ يَشْمَلُ سَائِرَ الْمَعَاصِي وَالْكَبَائِرِ وَالصَّغَائِرِ، إذَا لَا مَعْصِيَةَ وَإِنْ صَغُرَتْ إلَّا وَهِيَ ظُلْمٌ، إذْ هُوَ وَضْعُ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْله تَعَالَى: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13] فَخَرَجَ بِعَظِيمٍ غَيْرُ الشِّرْكِ، فَهُوَ ظُلْمٌ، لَكِنَّهُ لَيْسَ بِعَظِيمٍ كَالشِّرْكِ وَإِنْ كَانَ عَظِيمًا فِي نَفْسِهِ، وَقَوْلُهُ: {نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج: 25] بَيَانٌ لِلْوَعِيدِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى الْإِلْحَادِ الْمَذْكُورِ، وَأَخَذَ مِنْ ذَلِكَ مُجَاهِدٌ قَوْلَهُ الْمَرْوِيَّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا: إنَّ السَّيِّئَاتِ تُضَاعَفُ فِي مَكَّةَ كَمَا تُضَاعَفُ الْحَسَنَاتُ فِيهَا، وَحَمَلَهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُضَاعَفَةِ زِيَادَةُ قُبْحِهَا وَعَذَابِهَا لَا الْمُضَاعَفَةُ الْمَزَادَةُ فِي الْحَسَنَاتِ، لِأَنَّ النُّصُوصَ مُصَرِّحَةٌ بِأَنَّ السَّيِّئَةَ لَا جَزَاءَ عَلَيْهَا إلَّا مِثْلُهَا مُتَعَيِّنٌ، لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ مُجَاهِدٍ وَغَيْرِهِ الْقَوْلُ بِحَقِيقَةِ الْمُضَاعَفَةِ، وَيَجْعَلُونَ ذَلِكَ مُسْتَثْنًى مِنْ النُّصُوصِ لِدَلِيلٍ قَامَ عِنْدَهُمْ عَلَى اسْتِثْنَائِهِ.
وَلَوْلَا أَنَّهُمْ قَائِلُونَ بِحَقِيقَةِ الْمُضَاعَفَةِ وَإِلَّا لَمْ يَكُونُوا مُخَالِفِينَ لِلْجُمْهُورِ، إذْ لَا خِلَافَ أَنَّ الْمَعْصِيَةَ بِمَكَّةَ أَقْبَحُ مِنْهَا بِغَيْرِهَا. وَدَلِيلُ أَنَّ الْإِرَادَةَ كَافِيَةٌ فِي ذَلِكَ خُصُوصِيَّةٌ لِلْحَرَمِ مَا صَحَّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا لَكِنَّ وَقْفَهُ أَشْبَهُ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ} [الحج: 25] قَالَ: «لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَرَادَ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ وَهُوَ بِعَدَنِ أَبْيَنَ لَأَذَاقَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ الْعَذَابِ الْأَلِيمِ» وَرَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْهُ: «مَا مِنْ رَجُلٍ يُهِمُّ بِسَيِّئَةٍ إلَّا كُتِبَتْ عَلَيْهِ وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا بِعَدَنِ أَبْيَنَ هَمَّ أَنْ يَقْتُلَ رَجُلًا بِهَذَا الْبَيْتِ لَأَذَاقَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ» ، وَكَذَا قَالَ الضَّحَّاكُ بْنُ مُزَاحِمٍ. تَنْبِيهٌ: ذِكْرِي الِاسْتِحْلَالَ وَالْإِلْحَادَ كَبِيرَتَيْنِ مُتَغَايِرَتَيْنِ هُوَ مَا فِي حَدِيثَيْنِ، أَخْرَجَ أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - سُئِلَ عَنْ الْكَبَائِرِ، فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «هُنَّ تِسْعٌ: الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَةِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الْمُؤْمِنَةِ وَالْفِرَارُ مِنْ الزَّحْفِ، وَالسِّحْرُ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ، وَالْإِلْحَادُ بِالْبَيْتِ الْحَرَامِ قِبْلَتِكُمْ أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا» .
وَجَاءَ ذَلِكَ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ، فَالْمَرْفُوعُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَوْقُوفِ، فَتَعْبِيرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالِاسْتِحْلَالِ فِي الْحَدِيثِ

نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 334
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست