responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 266
فَقَالَ: أَلَا تَسْمَعُونَ، إنَّ اللَّهَ لَا يُعَذِّبُ بِدَمْعِ الْعَيْنِ وَلَا بِحُزْنِ الْقَلْبِ وَلَكِنْ يُعَذِّبُ بِهَذَا أَوْ يَرْحَمُ وَأَشَارَ إلَى لِسَانِهِ» . وَأَخْرَجَا أَيْضًا: أَنَّهُ «رُفِعَ إلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ابْنٌ لِبِنْتِهِ وَهُوَ فِي الْمَوْتِ فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: مَا هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ هَذِهِ رَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ - تَعَالَى - فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ» .
وَالْبُخَارِيُّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ عَلَى ابْنِهِ إبْرَاهِيمَ وَهُوَ يَجُودُ بِنَفْسِهِ فَجَعَلَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَذْرِفَانِ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: يَا ابْنَ عَوْفٍ إنَّهَا رَحْمَةٌ، ثُمَّ أَتْبَعَهَا بِأُخْرَى، فَقَالَ: إنَّ الْعَيْنَ تَدْمَعُ وَالْقَلْبَ يَحْزَنُ وَلَا نَقُولُ إلَّا مَا يُرْضِي رَبَّنَا وَإِنَّا بِفِرَاقِك يَا إبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ» .
وَأَخَذَ أَصْحَابُنَا مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ قَوْلَهُمْ: دَمْعُ الْعَيْنِ بِلَا بُكَاءٍ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ بَلْ هُوَ مُبَاحٌ، وَمَا مَرَّ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ مِنْ أَنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ اخْتَلَفُوا فِي مَاذَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ، وَالصَّحِيحُ عِنْدَنَا أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَوْصَى بِذَلِكَ، بِخِلَافِ مَا إذَا سَكَتَ فَلَمْ يَأْمُرْ وَلَمْ يَنْهَ أَوْ أَمَرَ فَإِنَّهُ يُعَذَّبُ بِسَبَبِ أَمْرِهِ وَامْتِثَالِهِمْ لَهُ، لِأَنَّ مَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ يَعْمَلُ بِهَا، فَالْإِثْمُ يَزِيدُ عَلَيْهِ بِالِامْتِثَالِ بِمَا لَا يُوجَدُ لَوْ لَمْ يُمْتَثَلْ، وَقِيلَ: إنَّهُ إذَا سَكَتَ وَلَمْ يَنْهَهُمْ عَنْ نَحْوِ النَّوْحِ يُعَذَّبُ بِذَلِكَ أَيْضًا لِأَنَّ سُكُوتَهُ عَنْ نَهْيِهِمْ رِضًا مِنْهُ بِهِ فَعُذِّبَ بِهِ كَمَا لَوْ أَمَرَ، فَمَنْ أَرَادَ الْخُرُوجَ مِنْ وَرْطَةِ هَذَا الْقَوْلِ يَنْبَغِي لَهُ إذَا نَزَلَ بِهِ مَرَضٌ أَنْ يَنْهَاهُمْ عَنْ بِدَعِ الْجَنَائِزِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ الشَّنِيعَةِ وَالْقَبَائِحِ الْفَظِيعَةِ.
قَالَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ: وَيَتَأَكَّدُ لِمَنْ اُبْتُلِيَ بِمُصِيبَةٍ بِمَيِّتٍ أَوْ فِي نَفْسِهِ أَوْ أَهْلِهِ أَوْ مَالِهِ وَإِنْ خَفَّتْ أَنْ يُكْثِرَ مِنْ: إنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ. اللَّهُمَّ اجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا. لِخَبَرِ مُسْلِمٍ أَنَّ مَنْ قَالَ ذَلِكَ أَجَرَهُ اللَّهُ وَأَخْلَفَ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا، وَلِأَنَّهُ - تَعَالَى - وَعَدَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ بِأَنَّ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٍ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةً وَأَنَّهُمْ الْمُهْتَدُونَ، أَيْ لِلتَّرْجِيعِ أَوْ لِلْجَنَّةِ وَالثَّوَابِ. قَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ: لَقَدْ أُعْطِيت هَذِهِ الْأُمَّةُ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ مَا لَمْ يُعْطَهُ غَيْرُهُمْ {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: 156] . وَلَوْ أُوتُوهُ لَقَالَهُ يَعْقُوبُ وَلَمْ يَقُلْ {يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ} [يوسف: 84] .
وَفِي الْحَدِيثِ: «مَا أُصِيبَ عَبْدٌ بِمُصِيبَةٍ إلَّا لِذَنْبٍ لَمْ يَكُنْ يُغْفَرُ إلَّا بِهَا أَوْ دَرَجَةٍ لَمْ يَكُنْ يَبْلُغُهَا إلَّا بِهَا» .

نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 266
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست