responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 25
فَسَمِعَ مِثْلَ مَا سَمِعْت وَمَضَيْت إلَى ضَيْعَتِي، وَرَجَعْتُ يَعْنِي فِي الْيَوْمِ الثَّانِي، وَصَلَّيْت فِي مَوْضِعِي الْأَوَّلِ وَصَبَرْت حَتَّى غَابَتْ الشَّمْسُ وَصَلَّيْت الْمَغْرِبَ ثُمَّ اسْتَمَعْت إلَى ذَلِكَ الْقَبْرِ فَإِذَا هُوَ يَئِنُّ وَيَقُولُ: آهْ قَدْ كُنْت أُصَلِّي قَدْ كُنْت أَصُومُ، فَرَجَعْتُ إلَى مَنْزِلِي وَمَرِضْتُ بِالْحُمَّى شَهْرَيْنِ. وَأَقُولُ: قَدْ وَقَعَ لِي نَظِيرُ ذَلِكَ، وَذَلِكَ أَنِّي كُنْت وَأَنَا صَغِيرٌ أَتَعَاهَدُ قَبْرَ وَالِدِي رَحِمَهُ اللَّهُ لِلْقِرَاءَةِ عَلَيْهِ فَخَرَجْت يَوْمًا بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ بِغَلَسٍ فِي رَمَضَانَ، بَلْ أَظُنُّ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ بَلْ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، فَلَمَّا جَلَسْتُ عَلَى قَبْرِهِ وَقَرَأْت شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ وَلَمْ يَكُنْ بِالْمَقْبَرَةِ أَحَدٌ غَيْرِي، فَإِذَا أَنَا أَسْمَعُ التَّأَوُّهَ الْعَظِيمَ وَالْأَنِينَ الْفَظِيعَ بِآهْ آهْ آهْ وَهَكَذَا بِصَوْتٍ أَزْعَجَنِي مِنْ قَبْرٍ مَبْنِيٍّ بِالنُّورَةِ وَالْجِصِّ لَهُ بَيَاضٌ عَظِيمٌ، فَقَطَعْت الْقِرَاءَةَ وَاسْتَمَعْت فَسَمِعْت صَوْتَ ذَلِكَ الْعَذَابِ مِنْ دَاخِلِهِ وَذَلِكَ الرَّجُلُ الْمُعَذَّبُ يَتَأَوَّهُ تَأَوُّهًا عَظِيمًا بِحَيْثُ يُقْلِقُ سَمَاعُهُ الْقَلْبَ وَيُفْزِعُهُ فَاسْتَمَعْتُ إلَيْهِ زَمَنًا، فَلَمَّا وَقَعَ الْإِسْفَارُ خَفِيَ حِسُّهُ عَنِّي، فَمَرَّ بِي إنْسَانٌ فَقُلْت قَبْرُ مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا قَبْرُ فُلَانٍ لِرَجُلٍ أَدْرَكْته وَأَنَا صَغِيرٌ، وَكَانَ عَلَى غَايَةٍ مِنْ مُلَازَمَةِ الْمَسْجِدِ وَالصَّلَوَاتِ فِي أَوْقَاتِهَا وَالصَّمْتِ عَنْ الْكَلَامِ.
وَهَذَا كُلُّهُ شَاهَدْته وَعَرَفْته مِنْهُ فَكَبُرَ عَلَيَّ الْأَمْرُ جِدًّا لِمَا أَعْلَمُهُ مِنْ أَحْوَالِ الْخَيْرِ الَّتِي كَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مُتَلَبِّسًا بِهَا فِي الظَّاهِرِ، فَسَأَلْت وَاسْتَقْصَيْت الَّذِينَ يَطَّلِعُونَ عَلَى حَقِيقَةِ أَحْوَالِهِ فَأَخْبَرُونِي أَنَّهُ كَانَ يَأْكُلُ الرِّبَا، فَإِنَّهُ كَانَ تَاجِرًا ثُمَّ كَبِرَ وَبَقِيَ مَعَهُ شَيْءٌ مِنْ الْحُطَامِ، فَلَمْ تَرْضَ نَفْسُهُ الظَّالِمَةُ الْخَبِيثَةُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ جَنْبِهِ حَتَّى يَأْتِيَهُ الْمَوْتُ بَلْ سَوَّلَ لَهُ الشَّيْطَانُ مَحَبَّةَ الْمُعَامَلَةِ بِالرِّبَا حَتَّى لَا يَنْقُصَ مَالُهُ فَأَوْقَعَهُ فِي ذَلِكَ الْعَذَابِ الْأَلِيمِ حَتَّى فِي رَمَضَانَ حَتَّى فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَلَمَّا قُلْت ذَلِكَ لِبَعْضِ أَهْلِ بَلَدِهِ قَالَ لِي: أَعْجَبُ مِنْهُ عَبْدُ الْبَاسِطِ رَسُولُ الْقَاضِي فُلَانٍ وَهَذَا الرَّجُلُ أَعْرِفُهُ أَيْضًا كَانَ رَسُولًا لِلْقُضَاةِ أُولَى أَمْرِهِ ثُمَّ صَارَ ذَا ثَرْوَةٍ فَقُلْت: وَمَا شَأْنُهُ؟ قَالَ: لَمَّا حَفَرْنَا قَبْرَهُ لِنُنْزِلَ عَلَيْهِ مَيِّتًا آخَرَ رَأَيْنَا فِي رَقَبَتِهِ سِلْسِلَةً عَظِيمَةً، وَرَأَيْنَا فِي تِلْكَ السِّلْسِلَةِ كَلْبًا أَسْوَدَ عَظِيمًا مَرْبُوطًا مَعَهُ فِي تِلْكَ السِّلْسِلَةِ وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى رَأْسِهِ يُرِيدُ نَهْشَهُ بِأَنْيَابِهِ وَأَظْفَارِهِ فَخِفْنَاهُ خَوْفًا عَظِيمًا وَبَادَرْنَا بِرَدِّ التُّرَابِ فِي الْقَبْرِ. قَالُوا: وَرَأَيْنَا فُلَانًا عَنْ رَجُلٍ آخَرَ لَمَّا حَفَرْنَا قَبْرَهُ لَمْ يَبْقَ مِنْهُ إلَّا جُمْجُمَةُ رَأْسِهِ فَإِذَا فِيهَا مَسَامِيرُ عَظِيمَةُ الْقَدْرِ عَرِيضَةُ الرُّءُوسِ مَدْقُوقَةٌ فِيهَا كَأَنَّهَا بَابٌ عَظِيمٌ، فَتَعَجَّبْنَا مِنْهَا وَرَدَّيْنَا عَلَيْهَا التُّرَابَ، قَالُوا: وَحَفَرْنَا عَنْ فُلَانٍ فَخَرَجَتْ لَنَا حَيَّةٌ عَظِيمَةٌ مِنْ قَبْرِهِ وَرَأَيْنَاهَا مُطَوِّقَةً بِهِ فَأَرَدْنَا دَفْعَهَا عَنْهُ فَتَنَفَّسَتْ عَلَيْنَا حَتَّى كِدْنَا كُلُّنَا نَهْلَكُ عَنْ آخِرِنَا.
فَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ

نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 25
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست