responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 145
حَسُودٌ، هَشَّاشٌ بَشَّاشٌ، يُحِبُّ فِي اللَّهِ وَيُبْغِضُ فِي اللَّهِ وَيَرْضَى فِي اللَّهِ وَيَغْضَبُ فِي اللَّهِ؛ فَهَذَا هُوَ حُسْنُ الْخُلُقِ. وَفَّقَنَا اللَّهُ تَعَالَى لِلتَّحَلِّي بِمَعَالِيهِ وَأَدَامَ عَلَيْنَا سَوَابِغَ أَفْضَالِهِ وَمَوَانِحَ قُرَبِهِ وَالِانْدِرَاجَ فِي سِلْكِ أَوْلِيَائِهِ وَأَحِبَّائِهِ وَمَوَالِيهِ آمِينَ.

[الْكَبِيرَةُ التَّاسِعَةُ وَالثَّلَاثُونَ الْأَمْنُ مِنْ مَكْرِ اللَّهِ بِالِاسْتِرْسَالِ فِي الْمَعَاصِي]
الْأَمْنُ مِنْ مَكْرِ اللَّهِ بِالِاسْتِرْسَالِ فِي الْمَعَاصِي مَعَ الِاتِّكَالِ عَلَى الرَّحْمَةِ قَالَ تَعَالَى: {فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [الأعراف: 99] وَقَالَ تَعَالَى: {وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [فصلت: 23] . وَفِي الْحَدِيثِ: «إذَا رَأَيْتُمْ اللَّهَ يُعْطِي الْعَبْدَ مَا يُحِبُّ وَهُوَ مُقِيمٌ عَلَى مَعْصِيَتِهِ. فَإِنَّمَا ذَلِكَ مِنْهُ اسْتِدْرَاجٌ. ثُمَّ تَلَا قَوْله تَعَالَى: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ} [الأنعام: 44] » أَيْ آيِسُونَ مِنْ النَّجَاةِ وَكُلِّ خَيْرٍ سَدِيدٍ، وَلَهُمْ الْحَسْرَةُ وَالْحُزْنُ وَالْخِزْيُ لِاغْتِرَارِهِمْ بِتَرَادُفِ النِّعْمَةِ عَلَيْهِمْ مَعَ مُقَابَلَتِهِمْ لَهَا بِمَزِيدِ الْإِعْرَاضِ وَالْإِدْبَارِ. وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْحَسَنُ: مَنْ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرَ أَنَّهُ مَكْرٌ بِهِ فَلَا عَقْلَ لَهُ، وَقَالَ فِي قَوْمٍ لَمْ يَشْكُرُوا: مُكِرَ بِهِمْ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، أُعْطُوا حَاجَتَهُمْ ثُمَّ أُخِذُوا.
وَفِي الْأَثَرِ «لَمَّا مُكِرَ بِإِبْلِيسَ بَكَى جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ، فَقَالَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - لَهُمَا: وَمَا يُبْكِيكُمَا؟ قَالَا: رَبَّنَا مَا أَمِنَّا مِنْ مَكْرِك، فَقَالَ تَعَالَى: هَكَذَا كُونَا لَا تَأْمَنَا مَكْرِي»
وَمِنْ ثَمَّ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ: «يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِك» وَفِي رِوَايَةٍ: «فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَخَافُ؟ قَالَ: إنَّ الْقَلْبَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ» . أَيْ بَيْنَ مَظْهَرَيْ إرَادَتِهِ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ، فَهُوَ يَصْرِفُهَا أَسْرَعَ مِنْ مَمَرِّ الرِّيحِ عَلَى اخْتِلَافٍ فِي الْقَبُولِ وَالرَّدِّ وَالْإِرَادَةِ وَالْكَرَاهَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَوْصَافِ. وَفِي التَّنْزِيلِ: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} [الأنفال: 24] ، أَيْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَقْلِهِ حَتَّى لَا يَدْرِيَ مَا يَصْنَعُ قَالَهُ مُجَاهِدٌ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْله تَعَالَى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ} [ق: 37] ، أَيْ عَقْلٌ. وَاخْتَارَ الطَّبَرَانِيُّ أَنَّ مَعْنَى تِلْكَ الْإِحَالَةِ إعْلَامُ الْعِبَادِ بِأَنَّهُ أَمْلَكُ لِقُلُوبِهِمْ مِنْهُمْ وَأَنَّهُ يَحُولُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهَا إذَا شَاءَ حَتَّى لَا يُدْرِكَ أَحَدٌ شَيْئًا إلَّا بِمَشِيئَتِهِ تَعَالَى.

نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 145
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست