responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 131
وَمِنْ الْأَمْرَاضِ الَّتِي تَعْتَوِرُهُ وَتَعْتَرِيهِ الْكُفْرُ - وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ - وَالنِّفَاقُ وَالْكِبْرُ وَالْفَخْرُ وَالْخُيَلَاءُ وَالْحَسَدُ وَالْغِلُّ وَالْحِقْدُ وَالْبَغْيُ وَالْغَضَبُ لِغَيْرِ اللَّهِ وَالْغَيْظُ لِغَيْرِ اللَّهِ وَالرِّيَاءُ وَالسُّمْعَةُ وَالْغِشُّ وَالْبُخْلُ وَالْإِعْرَاضُ عَنْ الْحَقِّ إلَى آخِرِ مَا قَدَّمْته. ثُمَّ قَالَ عَقِبَهُ: وَأَمْثَالُ هَذِهِ يُذَمُّ الْعَبْدُ عَلَيْهَا أَعْظَمَ مِمَّا يُذَمُّ عَلَى الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَنَحْوِهَا مِنْ كَبَائِرِ الْبَدَنِ وَذَلِكَ لِعِظَمِ مَفْسَدَتِهَا وَسُوءِ أَثَرِهَا وَدَوَامِهِ، فَإِنَّ آثَارَ هَذِهِ الْكَبَائِرِ وَنَحْوِهَا تَدُومُ بِحَيْثُ تَصِيرُ حَالًا وَهَيْئَةً رَاسِخَةً فِي الْقَلْبِ بِخِلَافِ آثَارِ مَعَاصِي الْجَوَارِحِ فَإِنَّهَا سَرِيعَةُ الزَّوَالِ؛ تَزُولُ بِالتَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ وَالْحَسَنَاتِ الْمَاحِيَةِ وَالْمَصَائِبِ الْمُكَفِّرَةِ.
قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ» ، وَالْقَلْبُ مَلِكُ الْأَعْضَاءِ وَهِيَ جُنُودُهُ وَتَابِعَةٌ لَهُ، فَإِذَا فَسَدَ الْمَلِكُ فَسَدَتْ الْجُنُودُ كُلُّهَا؛ كَمَا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: الْقَلْبُ مَلِكٌ وَالْأَعْضَاءُ جُنُودُهُ، فَإِذَا طَابَ الْمَلِكُ طَابَتْ جُنُودُهُ، وَإِذَا خَبُثَ الْمَلِكُ خَبُثَتْ جُنُودُهُ، فَمَنْ أُعْطِيَ قَلْبًا سَلِيمًا مِنْ هَذِهِ الْأَمْرَاضِ فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ تَعَالَى، وَمَنْ وَجَدَ فِي قَلْبِهِ مَرَضًا مِنْ هَذِهِ الْأَمْرَاضِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُعَالِجَهُ حَتَّى يَزُولَ، فَإِنْ لَمْ يُعَالِجْهُ أَثِمَ، وَإِنَّمَا يَأْثَمُ مِنْ هَذِهِ الْأَمْرَاضِ عَلَى مَا نَوَاهُ وَقَصَدَهُ بِقَلْبِهِ دُونَ مَا خَطَرَ بِقَلْبِهِ أَوْ سَبَقَ إلَيْهِ لِسَانُهُ وَوَهْمُهُ انْتَهَى.
وَتَسْمِيَةُ جَمِيعِ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ كَبَائِرَ إنَّمَا يَلِيقُ بِطَرِيقَةِ أَهْلِ الْمَعَارِفِ وَالْأَخْلَاقِ وَالتَّصَوُّفِ الَّذِينَ مِنْهُمْ هَذَا الْإِمَامُ الْفَقِيهُ، فَلِذَا جَرَى عَلَى ذَلِكَ مُخَالِفًا لِمُقْتَضَى كَلَامِ الشَّافِعِيَّةِ أَهْلِ مَذْهَبِهِ، نَعَمْ فِيهَا مَا هُوَ مِنْ الْكَبَائِرِ: كَالْحَسَدِ وَالْحِقْدِ وَالرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ وَالْكِبْرِ وَالْعُجْبِ وَغَيْرِهَا مِمَّا مَرَّ الْكَلَامُ فِيهِ، وَكَذَا كَثِيرٌ مِنْهَا لَا يَبْعُدُ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ كَبِيرَةٌ كَمَا سَتَعْلَمُهُ مِمَّا أُورِدُهُ مِنْ الْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى مَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْوَعِيدِ الشَّدِيدِ، نَعَمْ الْبَغْيُ بِالْمَعْنَى الْمُصْطَلَحِ عَلَيْهِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ صَغِيرَةٌ لَا كَبِيرَةٌ كَمَا صَرَّحُوا بِهَا، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى بَعْضٍ مِنْهَا فِي مَحَالِّهِ - كَالْبُخْلِ وَالشُّحِّ - فِي الْكَلَامِ عَلَى تَرْكِ الزَّكَاةِ، وَكَسُوءِ الظَّنِّ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْغِيبَةِ.
وَمِمَّنْ صَرَّحَ مِنْ أَئِمَّتِنَا بِأَنَّ الْفَرَحَ بِالدُّنْيَا حَرَامٌ الْبَغَوِيّ فِي تَهْذِيبِهِ، فَلَعَلَّ ذَلِكَ الْإِمَامَ أَخَذَ مَا مَرَّ عَنْهُ ثُمَّ زَادَ أَنَّهُ كَبِيرَةٌ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى قَبَائِحَ يَعْظُمُ ضَرَرُهَا وَيَضْطَرِمُ شَرَرُهَا؛ إذْ مِنْ الْوَاضِحِ أَنَّ مَحَلَّ حُرْمَةِ الْفَرَحِ بِهَا إنْ كَانَ مِنْ حَيْثُ الْخُيَلَاءُ وَالْفَخْرُ

نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 131
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست