إلى هاهنا وكيف اجترأت أن تسأل ربك أن تنظر إليه؟ وموسى - عليه السلام - يبكي وقد اصطكت ركبتاه وتخلعت مفاصله.
فلما رأى الله - عز وجل - ذلك من عبده أراه قائمة عرشه فتعلق بها فاطمأن قلبه فقال له إسرافيل: يا موسى! والله - إنا لنحن رؤساء الملائكة - لم نرفع أبصارنا نحو العرش منذ خلقنا خوفا وفرقا فما حملك أيها العبد الضعيف على هذا؟
فقال موسى: يا إسرافيل - وقد اطمأن - أحببت أن اعرف من عظمة ربي ما عرفت.
ثم أوحى الله - عز وجل - للسماوات: إني متجل للجبل فارتعدت السماوات والأرض والجبال والشمس والقمر والنجوم والسحاب والجنة والنار والملائكة والبحار وخروا كلهم سجدا وموسى ينظر إلى الجبل {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ مُوسَى صَعِقاً} [الأعراف: 143] ميتا من نور رب العزة جل وعلا فوقع عن الحجر وانقلب عليه فصار عليه مثل القبة لئلا يحترق.
قال الحسن: فبعث الله تعالى جبريل - عليه السلام - فقلب الحجر عن موسى وأقامه فقام موسى - عليه السلام - فقال: {سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ} [الأعراف: 143] مما سألت {وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} الأعراف: 143] أي أنا أول من آمن أنه لا ينظر إليك أحد إلا مات وقيل: أنا أول من آمن أنه لا يراك أحد في الدنيا.