مقدمة
...
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله, والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى آله وصحبه ومن والاه, أما بعد:
فإن الإسلام دين يدعو إلى أقوم محجة, ويرمي إلى أشرف غاية. وما دعوته إلا هداية الناس إلى سبيل الحق, وتنبيههم إلى مكان الفضيلة.
وما غايته إلا أن يحيا الناس حياة طيبة في العاجل, ثم يفوزوا في الآخرة بسعادة خالدة, وعطاء غير مجذوذ في الآجل.
وللحق نور باهر, وللفضيلة جمال ساحر, ولكن النفوس الناشئة في بيئة خاسرة, أو الغارقة في أهواء سافلة يقف أمامها الحق فتخاله باطلا, وتتعرض لها الفضيلة فتحسبها شيئا منكر؛ فلا يكفي في دعوة الحق أن يطرق الداعي بها المجالس, ويصدع بكلمة الحق من غير أن يشد أزرها بالحجة, ويتخير لها الأسلوب الذي يجعلها مألوفة للعقول, خفيفة الوقع على الأسماء.
وفي القرآن الكريم ما يدل على أن الدعوة الصادقة لا يثبت أصلها, وتمتد فروعها, وتؤتي ثمرها – إلا أن يقوم بناؤها على أساس الحجة, ويذهب بها الداعي كل مذهب حكيم, ويأخذ فيها بكل أدب جميل.
وشواهد ذلك في القرآن كثيرة, قال الله- تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125] .
وكذلك دعوة النبي- صلى الله عليه وسلم- إلى الإسلام؛ فإنها كانت محفوفة بما يقرب العقول إلى قبولها, وتألف النفوس إلى سماعها؛ فكان- صلى الله عليه وسلم- يراعي في إبلاغها