responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أدب الدنيا والدين نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 56
فَهَذَا تَعْلِيلُ مَا فِي الْكَلَامِ مِنْ الْأَسْبَابِ الْمَانِعَةِ مِنْ فَهْمِ مَعَانِيهِ حَتَّى خَرَجَ بِنَا الِاسْتِيفَاءُ وَالْكَشْفُ إلَى الْإِغْمَاضِ.

وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي: وَهُوَ أَنْ يَكُونَ السَّبَبُ الْمَانِعُ مِنْ فَهْمِ السَّامِعِ لِعِلَّةٍ فِي الْمَعْنَى الْمُسْتَوْدَعِ فَلَا يَخْلُو حَالُ الْمَعْنَى مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: إمَّا أَنْ يَكُونَ مُسْتَقِلًّا بِنَفْسِهِ، أَوْ يَكُونَ مُقَدِّمَةً لِغَيْرِهِ، أَوْ يَكُونَ نَتِيجَةً مِنْ غَيْرِهِ.
فَأَمَّا الْمُسْتَقِلُّ بِنَفْسِهِ فَضَرْبَانِ: جَلِيٌّ وَخَفِيٌّ. فَأَمَّا الْجَلِيُّ فَهُوَ يَسْبِقُ إلَى فَهْمِ مُتَصَوِّرِهِ مِنْ أَوَّلِ وَهْلَةٍ، وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَقْسَامِ مَا يُشْكِلُ عَلَى مَنْ تَصَوَّرَهُ. وَأَمَّا الْخَفِيُّ فَيَحْتَاجُ فِي إدْرَاكِهِ إلَى زِيَادَةِ تَأَمُّلٍ وَفَضْلِ مُعَانَاةٍ لِيَنْجَلِيَ عَمَّا أَخْفَى وَيَنْكَشِفَ عَمَّا أُغْمِضَ، وَبِاسْتِعْمَالِ الْفِكْرِ فِيهِ يَكُونُ الِارْتِيَاضُ بِهِ وَبِالِارْتِيَاضِ بِهِ يَسْهُلُ مِنْهُ مَا اُسْتُصْعِبَ وَيَقْرَبُ مِنْهُ مَا بَعُدَ، فَإِنَّ لِلرِّيَاضَةِ جَرَاءَةً وَلِلدِّرَايَةِ تَأْثِيرًا، وَأَمَّا مَا كَانَ مُقَدِّمَةً لِغَيْرِهِ فَضَرْبَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ تَقُومَ الْمُقَدِّمَةُ بِنَفْسِهَا وَإِنْ تَعَدَّتْ إلَى غَيْرِهَا، فَتَكُونُ كَالْمُسْتَقِلِّ بِنَفْسِهِ فِي تَصَوُّرِهِ وَفَهْمِهِ مُسْتَدْعِيًا لِنَتِيجَتِهِ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مُفْتَقِرًا إلَى نَتِيجَتِهِ فَيَتَعَذَّرُ فَهْمُ الْمُقَدِّمَةِ إلَّا بِمَا يَتْبَعُهَا مِنْ النَّتِيجَةِ؛ لِأَنَّهَا تَكُونُ بَعْضًا وَتَبْعِيضُ الْمَعْنَى أَشْكَلُ لَهُ وَبَعْضُهُ لَا يُغْنِي عَنْ كُلِّهِ، وَأَمَّا مَا كَانَ نَتِيجَةً لِغَيْرِهِ فَهُوَ لَا يُدْرَكُ إلَّا بِأَوَّلِهِ وَلَا يُتَصَوَّرُ عَلَى حَقِيقَتِهِ إلَّا بِمُقَدِّمَتِهِ وَالِاشْتِغَالُ بِهِ قَبْلَ الْمُقَدِّمَةِ عَنَاءٌ، وَإِتْعَابُ الْفِكْرِ فِي اسْتِنْبَاطِهِ قَبْلَ قَاعِدَتِهِ إيذَاءٌ. فَهَذَا يُوَضِّحُ تَعْلِيلَ مَا فِي الْمَعَانِي مِنْ الْأَسْبَابِ الْمَانِعَةِ مِنْ فَهْمِهَا.

وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ: وَهُوَ أَنْ يَكُونَ السَّبَبُ الْمَانِعُ لِعِلَّةٍ فِي الْمُسْتَمِعِ فَذَلِكَ ضَرْبَانِ. أَحَدُهُمَا: مِنْ ذَاتِهِ. وَالثَّانِي: مِنْ طَارِئٍ عَلَيْهِ. فَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ ذَاتِهِ فَيَتَنَوَّعُ نَوْعَيْنِ: أَحَدَهُمَا: مَا كَانَ مَانِعًا مِنْ تَصَوُّرِ الْمَعْنَى، وَالثَّانِيَ: مَا كَانَ مَانِعًا مِنْ حِفْظِهِ بَعْدَ تَصَوُّرِهِ وَفَهْمِهِ. فَأَمَّا مَا كَانَ مَانِعًا مِنْ تَصَوُّرِ الْمَعْنَى وَفَهْمِهِ فَهُوَ الْبَلَادَةُ وَقِلَّةُ الْفِطْنَةِ وَهُوَ الدَّاءُ الْعَيَاءُ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: إذَا فَقَدَ الْعَالِمُ الذِّهْنَ قَلَّ عَلَى الْأَضْدَادِ احْتِجَاجُهُ، وَكَثُرَ إلَى الْكُتُبِ احْتِيَاجُهُ. وَلَيْسَ لِمَنْ بُلِيَ بِهِ إلَّا الصَّبْرُ وَالْإِقْلَالُ؛ لِأَنَّهُ عَلَى الْقَلِيلِ أَقْدَرُ، وَبِالصَّبْرِ أَحْرَى أَنْ يَنَالَ وَيَظْفَرَ.
وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: قَدِّمْ

نام کتاب : أدب الدنيا والدين نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 56
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست