responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أدب الدنيا والدين نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 42
كَانَتْ فِيهِ فَضِيلَةٌ لَخَصَّ اللَّهُ بِهِ مَنْ اصْطَفَاهُ لِرِسَالَتِهِ، وَاجْتَبَاهُ لِنُبُوَّتِهِ. وَقَدْ كَانَ أَكْثَرُ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى مَعَ مَا خَصَّهُمْ اللَّهُ بِهِ مِنْ كَرَامَتِهِ وَفَضَّلَهُمْ عَلَى سَائِرِ خَلْقِهِ، فُقَرَاءَ لَا يَجِدُونَ بُلْغَةً وَلَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى صَارُوا فِي الْفَقْرِ مَثَلًا، فَقَالَ الْبُحْتُرِيُّ:
فَقْرٌ كَفَقْرِ الْأَنْبِيَاءِ وَغُرْبَةٌ ... وَصَبَابَةٌ لَيْسَ الْبَلَاءُ بِوَاحِدِ
وَلِعَدَمِ الْفَضِيلَةِ فِي الْمَالِ مَنَحَهُ اللَّهُ الْكَافِرَ وَحَرَمَهُ الْمُؤْمِنَ.
قَالَ الشَّاعِرُ:
كَمْ كَافِرٍ بِاَللَّهِ أَمْوَالُهُ ... تَزْدَادُ أَضْعَافًا عَلَى كُفْرِهِ
وَمُؤْمِنٍ لَيْسَ لَهُ دِرْهَمٌ يَزْدَادُ ... إيمَانًا عَلَى فَقْرِهِ
يَا لَائِمَ الدَّهْرِ وَأَفْعَالِهِ ... مُشْتَغِلًا يَزْرِي عَلَى دَهْرِهِ
الدَّهْرُ مَأْمُورٌ لَهُ آمِرٌ ... يَنْصَرِفُ الدَّهْرُ عَلَى أَمْرِهِ
وَقَدْ بَيَّنَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَضْلَ مَا بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْمَالِ فَقَالَ: الْعِلْمُ خَيْرٌ مِنْ الْمَالِ. الْعِلْمُ يَحْرُسُك، وَأَنْتَ تَحْرُسُ الْمَالِ. الْعِلْمُ حَاكِمٌ وَالْمَالُ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ. مَاتَ خَزَّانُ الْأَمْوَالِ وَبَقِيَ خَزَّانُ الْعِلْمِ أَعْيَانُهُمْ مَفْقُودَةٌ، وَأَشْخَاصُهُمْ فِي الْقُلُوبِ مَوْجُودَةٌ. وَسُئِلَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: أَيُّمَا أَفْضَلُ الْمَالُ أَمْ الْعِلْمُ؟ فَقَالَ: الْجَوَابُ عَنْ هَذَا أَيُّمَا أَفْضَلُ الْمَالُ أَمْ الْعَقْلُ. وَقَالَ صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الْقُدُّوسِ:
لَا خَيْرَ فِيمَنْ كَانَ خَيْرُ ثَنَائِهِ ... فِي النَّاسِ قَوْلَهُمْ غَنِيٌّ وَاجِدُ
وَرُبَّمَا امْتَنَعَ الْإِنْسَانُ مِنْ طَلَبِ الْعِلْمِ لِكِبَرِ سِنِّهِ وَاسْتِحْيَائِهِ مِنْ تَقْصِيرِهِ فِي صِغَرِهِ أَنْ يَتَعَلَّمَ فِي كِبْرِهِ، فَرَضِيَ بِالْجَهْلِ أَنْ يَكُونَ مَوْسُومًا بِهِ وَآثَرَهُ عَلَى الْعِلْمِ أَنْ يَصِيرَ مُبْتَدِئًا بِهِ.
وَهَذَا مِنْ خِدَعِ الْجَهْلِ وَغُرُورِ الْكَسَلِ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ إذَا كَانَ فَضِيلَةً فَرَغْبَةُ ذَوِي الْأَسْنَانِ فِيهِ أَوْلَى. وَالِابْتِدَاءُ بِالْفَضِيلَةِ فَضِيلَةٌ. وَلَأَنْ يَكُونَ شَيْخًا مُتَعَلِّمًا أَوْلَى مِنْ أَنْ يَكُونَ شَيْخًا جَاهِلًا.
حُكِيَ أَنَّ بَعْضَ الْحُكَمَاءِ رَأَى شَيْخًا كَبِيرًا يُحِبُّ النَّظَرَ فِي الْعِلْمِ وَيَسْتَحِي فَقَالَ لَهُ: يَا هَذَا أَتَسْتَحِي أَنْ تَكُونَ فِي آخِرِ عُمُرِك أَفْضَلَ مِمَّا كُنْتَ فِي أَوَّلِهِ، وَذُكِرَ أَنَّ إبْرَاهِيمَ بْنَ الْمَهْدِيِّ دَخَلَ عَلَى الْمَأْمُونِ وَعِنْدَهُ جَمَاعَةٌ يَتَكَلَّمُونَ فِي الْفِقْهِ

نام کتاب : أدب الدنيا والدين نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 42
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست