responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أدب الدنيا والدين نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 32
قَدْ يُدْرِكُ الْحَازِمُ ذُو الرَّأْيِ الْمُنَى ... بِطَاعَةِ الْحَزْمِ وَعِصْيَانِ الْهَوَى
وَأَمَّا الْوَجْهُ الثَّانِي: فَهُوَ أَنْ يُخْفِيَ الْهَوَى بِكُرْهٍ حَتَّى تَتَمَوَّهَ أَفْعَالُهُ عَلَى الْعَقْلِ فَيَتَصَوَّرُ الْقَبِيحَ حَسَنًا وَالضَّرَرَ نَفْعًا. وَهَذَا يَدْعُو إلَيْهِ أَحَدُ شَيْئَيْنِ: إمَّا أَنْ يَكُونَ لِلنَّفْسِ مَيْلٌ إلَى ذَلِكَ الشَّيْءِ فَيَخْفَى عَنْهَا الْقَبِيحُ لِحُسْنِ ظَنِّهَا وَتَتَصَوَّرُهُ حَسَنًا لِشِدَّةِ مَيْلِهَا. وَلِذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ «حُبُّك الشَّيْءَ يُعْمِي وَيُصِمُّ» . أَيْ يُعْمِي عَنْ الرُّشْدِ وَيُصِمُّ عَنْ الْمَوْعِظَةِ.
وَقَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: الْهَوَى عَمًى. قَالَ الشَّاعِرُ:
حَسَنٌ فِي كُلِّ عَيْنٍ مَنْ تَوَدُّ
وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -:
وَلَسْت بِرَاءٍ عَيْبَ ذِي الْوُدِّ كُلِّهِ ... وَلَا بَعْضَ مَا فِيهِ إذَا كُنْت رَاضِيَا
فَعَيْنُ الرِّضَى عَنْ كُلِّ عَيْبٍ كَلِيلَةٌ ... وَلَكِنَّ عَيْنَ السُّخْطِ تُبْدِي الْمَسَاوِيَا
وَأَمَّا السَّبَبُ الثَّانِي: فَهُوَ اشْتِغَالُ الْفِكْرِ فِي تَمْيِيزِ مَا اشْتَبَهَ فَيَطْلُبُ الرَّاحَةَ فِي اتِّبَاعِ مَا اسْتَسْهَلَ حَتَّى يَظُنَّ أَنَّ ذَلِكَ أَوْفَقُ أَمْرَيْهِ، وَأَحْمَدُ حَالَيْهِ، اغْتِرَارًا بِأَنَّ الْأَسْهَلَ مَحْمُودٌ وَالْأَعْسَرَ مَذْمُومٌ فَلَنْ يَعْدَمَ أَنْ يَتَوَرَّطَ بِخِدَعِ الْهَوَى وَرِيبَةِ الْمَكْرِ فِي كُلِّ مَخُوفٍ حَذِرٍ، وَمَكْرُوهٍ عَسِرٍ.
وَلِذَلِكَ قَالَ عَامِرُ بْنُ الظَّرِبِ: الْهَوَى يَقْظَانُ وَالْعَقْلُ رَاقِدٌ فَمِنْ ثَمَّ غَلَبَ. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ وَهْبٍ: الْهَوَى أَمْنَعُ، وَالرَّأْيُ أَنْفَعُ. وَقِيلَ فِي الْمَثَلِ: الْعَقْلُ وَزِيرٌ نَاصِحٌ، وَالْهَوَى وَكِيلٌ فَاضِحٌ.
وَقَالَ الشَّاعِرُ:
إذَا الْمَرْءُ أَعْطَى نَفْسَهُ كُلَّمَا ... اشْتَهَتْ وَلَمْ يَنْهَهَا تَاقَتْ إلَى كُلِّ بَاطِلِ
وَسَاقَتْ إلَيْهِ الْإِثْمَ وَالْعَارَ بِاَلَّذِي ... دَعَتْهُ إلَيْهِ مِنْ حَلَاوَةِ عَاجِلِ
وَحَسْمُ السَّبَبِ الْأَوَّلِ أَنْ يَجْعَلَ فِكْرَ قَلْبِهِ حَكَمًا عَلَى نَظَرِ عَيْنِهِ. فَإِنَّ الْعَيْنَ رَائِدُ الشَّهْوَةِ، وَالشَّهْوَةَ مِنْ دَوَاعِي الْهَوَى، وَالْقَلْبَ رَائِدُ الْحَقِّ وَالْحَقَّ مِنْ دَوَاعِي الْعَقْلِ.
وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: نَظَرُ الْجَاهِلِ بِعَيْنِهِ وَنَاظِرِهِ، وَنَظَرُ

نام کتاب : أدب الدنيا والدين نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 32
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست