responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أدب الدنيا والدين نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 173
وَقَالَ آخَرُ:
لِكُلِّ شَيْءٍ عَدِمْته عِوَضٌ ... وَمَا لِفَقْدِ الصَّدِيقِ مِنْ عِوَضِ
ثُمَّ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَزْهَدَ فِيهِ لِخُلُقٍ أَوْ خُلُقَيْنِ يُنْكِرُهُمَا مِنْهُ إذَا رَضِيَ سَائِرَ أَخْلَاقِهِ، وَحَمِدَ أَكْثَرَ شِيَمِهِ؛ لِأَنَّ الْيَسِيرَ مَغْفُورٌ وَالْكَمَالَ مَعُوزٌ. وَقَدْ قَالَ الْكِنْدِيُّ: كَيْفَ تُرِيدُ مِنْ صَدِيقِك خُلُقًا وَاحِدًا وَهُوَ ذُو طَبَائِعَ أَرْبَعٍ؟ مَعَ أَنَّ نَفْسَ الْإِنْسَانِ الَّتِي هِيَ أَخَصُّ النُّفُوسِ بِهِ وَمُدَبَّرَةٌ بِاخْتِيَارِهِ وَإِرَادَتِهِ، لَا تُعْطِيهِ قِيَادَهَا فِي كُلِّ مَا يُرِيدُ، وَلَا تُجِيبُهُ إلَى طَاعَتِهِ فِي كُلِّ مَا يُحِبُّ، فَكَيْفَ بِنَفْسِ غَيْرِهِ، وَحَسْبُك أَنْ يَكُونَ لَك مِنْ أَخِيك أَكْثَرُهُ.
وَقَدْ قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: مُعَاتَبَةُ الْأَخِ خَيْرٌ مِنْ فَقْدِهِ، وَمَنْ لَك بِأَخِيك كُلِّهِ؟ فَأَخَذَ الشُّعَرَاءُ هَذَا الْمَعْنَى، فَقَالَ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ:
أَأُخَيَّ مَنْ لَك مِنْ بَنِي الدُّنْيَا ... بِكُلِّ أَخِيك مَنْ لَكْ
فَاسْتَبْقِ بَعْضَك لَا يَمْلِكُ ... كُلُّ مَنْ أَعْطَيْت كُلَّكْ
وَقَالَ أَبُو تَمَّامٍ الطَّائِيُّ:
مَا غَبَنَ الْمَغْبُونَ مِثْلُ عَقْلِهْ ... مَنْ لَك يَوْمًا بِأَخِيك كُلِّهْ
؟ وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: طَلَبُ الْإِنْصَافِ مِنْ قِلَّةِ الْإِنْصَافِ. وَقَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ: لَا يُزْهِدَنَّكَ فِي رَجُلٍ حُمِدَتْ سِيرَتَهُ، وَارْتَضَيْتَ وَتِيرَتَهُ، وَعَرَفْتَ فَضْلَهُ، وَبَطَنْتَ عَقْلَهُ عَيْبٌ تُحِيطُ بِهِ كَثْرَةُ فَضَائِلِهِ، أَوْ ذَنْبٌ صَغِيرٌ تَسْتَغْفِرُ لَهُ قُوَّةُ وَسَائِلِهِ.
فَإِنَّك لَنْ تَجِدَ، مَا بَقِيت، مُهَذَّبًا لَا يَكُونُ فِيهِ عَيْبٌ، وَلَا يَقَعُ مِنْهُ ذَنْبٌ. فَاعْتَبِرْ نَفْسَك، بَعْدَ، أَنْ لَا تَرَاهَا بِعَيْنِ الرِّضَى، وَلَا تَجْرِي فِيهَا عَلَى حُكْمِ الْهَوَى، فَإِنَّ فِي اعْتِبَارِك وَاخْتِيَارِك لَهَا مَا يُؤَيِّسُك مِمَّا تَطْلُبُ، وَيُعَطِّفُك عَلَى مَنْ يُذْنِبُ. وَقَدْ قَالَ الشَّاعِرُ:
وَمَنْ ذَا الَّذِي تُرْضَى سَجَايَاهُ كُلُّهَا ... كَفَى الْمَرْءُ نُبْلًا أَنْ تُعَدَّ مَعَايِبُهْ
وَقَالَ النَّابِغَةُ الذُّبْيَانِيُّ:
وَلَسْت بِمُسْتَبْقٍ أَخًا لَا تَلُمْهُ ... عَلَى شَعَثٍ أَيُّ الرِّجَالِ الْمُهَذَّبُ

نام کتاب : أدب الدنيا والدين نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 173
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست