responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أدب الدنيا والدين نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 119
وَقَالَ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ:
لَا تَأْمَنْ الْمَوْتَ فِي لَحْظٍ وَلَا نَفَسِ ... وَإِنْ تَمَنَّعْتَ بِالْحُجَّابِ وَالْحَرَسِ
وَاعْلَمْ بِأَنَّ سِهَامَ الْمَوْتِ قَاصِدَةٌ ... لِكُلِّ مُدَرَّعٍ مِنْهَا وَمُتَّرَسِ
تَرْجُو النَّجَاةَ وَلَمْ تَسْلُكْ مَسَالِكَهَا ... إنَّ السَّفِينَةَ لَا تَجْرِي عَلَى الْيَبَسِ
فَإِذَا رَضَتْ نَفْسُك مِنْ هَذِهِ الْحَالَةِ بِمَا وَصَفْت اعْتَضْت مِنْهَا ثَلَاثَ خِلَالٍ:
إحْدَاهَا: أَنْ تُكْفَى تَسْوِيفَ أَمَلٍ يُرْدِيك، وَتَسْوِيلَ مُحَالٍ يُؤْذِيك. فَإِنَّ تَسْوِيفَ الْأَمَلِ غِرَارٌ، وَتَسْوِيلَ الْمُحَالِ ضِرَارٌ.
وَالثَّانِيَةُ: أَنْ تَسْتَيْقِظَ لِعَمَلِ آخِرَتِك، وَتَغْتَنِمَ بَقِيَّةَ أَجَلِك بِخَيْرِ عَمَلِك. فَإِنَّ مَنْ قَصَّرَ أَمَلَهُ، وَاسْتَقَلَّ أَجَلَهُ، حَسُنَ عَمَلُهُ.
وَالثَّالِثَةُ: أَنْ يَهُونَ عَلَيْك نُزُولُ مَا لَيْسَ عَنْهُ مَحِيصٌ، وَيَسْهُلَ عَلَيْك حُلُولُ مَا لَيْسَ إلَى دَفْعِهِ سَبِيلٌ. فَإِنَّ مَنْ تَحَقَّقَ أَمْرًا تَوَطَّأَ لِحُلُولِهِ، فَهَانَ عَلَيْهِ عِنْدَ نُزُولِهِ. وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي ذَرٍّ: «نَبِّهْ بِالتَّفَكُّرِ قَلْبَك، وَجَافٍ عَنْ النَّوْمِ جَنْبَك، وَاتَّقِ اللَّهَ رَبَّك» .
وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِأَبِي ذَرٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: عِظْنِي. فَقَالَ: ارْضَ بِالْقَوْتِ وَخَفْ مِنْ الْفَوْتِ، وَاجْعَلْ صَوْمَك الدُّنْيَا وَفِطْرَك الْمَوْتَ.
وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: مَا رَأَيْت يَقِينًا لَا شَكَّ فِيهِ، أَشْبَهَ بِشَكٍّ لَا يَقِين فِيهِ، مِنْ يَقِينٍ نَحْنُ فِيهِ. فَلَئِنْ كُنَّا مُقِرِّينَ إنَّا لِحَمْقَى، وَلَئِنْ كُنَّا جَاحِدِينَ إنَّا لَهَلْكَى. وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ - رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ -: نَهَارُك ضَيْفُك فَأَحْسِنْ إلَيْهِ فَإِنَّك إنْ أَحْسَنْت إلَيْهِ ارْتَحَلَ بِحَمْدِك، وَإِنْ أَسَأْت إلَيْهِ ارْتَحَلَ بِذَمِّك، وَكَذَلِكَ لَيْلُك. وَقَالَ الْجَاحِظُ، فِي كِتَابِ الْبَيَانِ وُجِدَ مَكْتُوبًا فِي حَجَرٍ: يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ رَأَيْت يَسِيرَ مَا بَقِيَ مِنْ أَجَلِك، لَزَهِدْت فِي طَوِيلِ مَا تَرْجُو مِنْ أَمَلِك، وَلَرَغِبْت فِي الزِّيَادَةِ مِنْ عَمَلِك، وَلَقَصَّرْت مِنْ حِرْصِك وَحِيَلِك، وَإِنَّمَا يَلْقَاك غَدًا نَدَمُك، لَوْ قَدْ زَلَّتْ بِك قَدَمُك، وَأَسْلَمَك أَهْلُك وَحَشَمُك، وَتَبَرَّأَ مِنْك الْقَرِيبُ، وَانْصَرَفَ عَنْك الْحَبِيبُ.
وَلَمَّا حَضَرَ بِشْرَ بْنَ مَنْصُورٍ الْمَوْتُ فَرِحَ، فَقِيلَ لَهُ: أَتَفْرَحُ بِالْمَوْتِ؟ فَقَالَ: أَتَجْعَلُونَ قُدُومِي عَلَى خَالِقٍ أَرْجُوهُ كَمُقَامِي مَعَ مَخْلُوقٍ أَخَافُهُ؟ وَقِيلَ لِأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ: لَوْ أَرْسَلْت إلَى الطَّبِيبِ؟ فَقَالَ: قَدْ رَآنِي. قَالُوا: فَمَا قَالَ لَك؟ قَالَ: قَالَ: إنِّي فَعَّالٌ لِمَا أُرِيدُ.
وَقِيلَ لِلرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ، وَقَدْ اعْتَلَّ: نَدْعُو لَك بِالطَّبِيبِ؟ قَالَ:

نام کتاب : أدب الدنيا والدين نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 119
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست