هناك أمرا آخر قد استجد وهو: الاختلافات السياسية التي أعقبت فتنة مقتل الخليفة الثالث عثمان رضي الله عنه، وانتقال الخلافة إلى الكوفة ثم إلى الشام، وما تخلل ذلك من أحداث جسام، فإن تلك الأحداث التي أدخلت الى دائرة الاختلاف أمرا أخرى كانت خارجها، وساعدت على انطواء أهل كل بلد أو مصر على ما وصلهم من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والنظر إلى ما لدى أهل الأمصار الأخرى نظرة مختلفة متحفظة كثيرا ما تؤثر فيها ظروف التأييد السياسي أو المعارضة، واتخذ العراق بمصريه العظيمين (الكوفة والبصرة) بيئة خصبة لتفاعل الأفكار السياسية وتعقيدها وتصديرها إلى جهات مختلفة، ففيه نشأ التشيع (65)
وظهرت
(65) الشيعة: فرقة من الفرق الإسلامية سميت بذلك لإعلانها مشايعة علي وأولاده رضي الله عنهم بالذهاب الى أنهم هم الأحق بالخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ويرون أن الإمامة منصب ديني كالرسالة، فلا تفوض الى البشر، ولا يتوصل إليها بالانتخاب أو نحوه بل هي كالنبوة، اختيار من الله تعالى يكشف عنه النص جليا كان أو خفيا، ويعتقدون بظهور المعجزة على يد الإمام كما تظهر على يد الإمام كما تظهر على يد النبي، والأئمة عندهم معصومون من الصغائر والكبائر كالأنبياء، وهم فرق كثيرة أبرزها الإمامية والزيدية وتجمع فرقهم على اختلافها، إضافة الى ما ذكرنا على القول بالتولي على الائمة من آل البيت والبراءة من مخالفيهم قولا وفعلا وعقدا إلا في حال التقية، واقرب فرقهم الى أهل السنة الزيدية، ثم الإمامية بشيء من التساهل.
تراجع أصول مذاهبهم في كتاب «أصول الكافي» وشروحه وفي «أصول الشيعة وأصولها» ولمعرفة المزيد من مقالاتهم تراجع «الملل والنحل» للشهرستاني (1/234) والفصل لابن حزم (4/179 188) والفرق بين الفرق (29) ، واعتقادات فرق المسلمين (77 95) طبعة مكتبة الكليات الأزهرية، والفرق الإسلامية (33) والحور العين (178) والتبصير في الدين (27 43) طبعة عالم الكتب.