نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 4 صفحه : 82
فالأصل الأول العلم وهو علم بثلاثة أمور بعين النعمة ووجه كونها نعمة في حقه وبذات المنعم ووجود صفاته التي بها يتم الإنعام ويصدر الإنعام منه عليه فإنه لا بد من نعمة ومنعم ومنعم عليه تصل إليه النعمة من المنعم بقصد وإرادة فهذه الأمور لا بد من معرفتها هذا في حق غير الله تعالى فأما في حق الله تعالى فلا يتم إلا بأن يعرف أن النعم كلها من الله وهو المنعم والوسائط مسخرون من جهته
وهذه المعرفة وراء التوحيد والتقديس إذ دخل التقديس والتوحيد فيها بل الرتبة الأولى في معارف الإيمان التقديس ثم إذا عرف ذاتاً مقدسة فيعرف أنه لا مقدس إلا واحد وما عداه غير مقدس وهو التوحيد ثم يعلم أن كل ما في العالم فهو موجود من ذلك الواحد فقط فالكل نعمة منه فتقع هذه المعرفة في الرتبة الثالثة إذ ينطوي فيها مع التقديس والتوحيد كمال القدرة والانفراد بالفعل وعن هذا عبر رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ قال من قال سبحان الله فله عشر حسنات ومن قال لا إله إلا الله فله عشرون حسنة ومن قال الحمد لله فله ثلاثون حسنة [1] وقال صلى الله عليه وسلم أفضل الذكر لا إله إلا الله وأفضل الدعاء الحمد لله [2] وقال ليس شيء من الأذكار يضاعف ما يضاعف الحمد لله [3] ولاتظنن أن هذه الحسنات بإزاء تحريك اللسان بهذه الكلمات من غير حصول معانيها في القلب فسبحان الله كلمة تدل على التقديس ولا إله إلا الله كلمة تدل على التوحيد والحمد لله كلمة تدل على النعمة من الواحد الحق فالحسنات بإزاء هذه المعارف التي هي من أبواب الإيمان واليقين
واعلم أن تمام هذه المعرفة بنفي الشرك في الأفعال فمن أنعم عليه ملك من الملوك بشيء فإن رأى لوزيره أو وكيله دخلاً في تيسير ذلك وإيصاله إليه فهو إشراك به في النعمة فلا يرى النعمة من الملك من كل وجه بل منه بوجه ومن غيره بوجه فيتوزع فرحه عليهما فلا يكون موحداً في حق الملك نعم لا يغض من توحيده في حق الملك وكمال شكره أن يرى النعمة الواصلة إليه بتوقيعه الذي كتبه بقلمه وبالكاغد الذي كتبه عليه فإنه لا يفرح بالقلم والكاغد ولا يشكرهما لأنه لا يثبت لهما دخلاً من حيث هما موجودان بأنفسهما بل من حيث هما مسخران تحت قدرة الملك وقد يعلم أن الوكيل الموصل والخازن أيضاً مضطران من جهة الملك في الإيصال وأنه لو رد الأمر إليه ولم يكن من جهة الملك ارهاق وامر جزم يخاف عاقبته لما سلم إليه شيئاً فإذا عرف ذلك كان نظره إلى الخازن الموصل كنظره إلى القلم والكاغد فلا يورث ذلك شركاً في توحيده من اضافة النعمة اليه إلى الملك
وكذلك من الكاتب وأن الحيوانات التي لها اختيار مسخرات في نفس اختيارها فإن الله تعالى هو المسلط للدواعي عليها لتفعل شاءت أم أبت كالخازن المضطر الذي لا يجد سبيلاً إلى مخالفة الملك ولو خلي ونفسه لما اعطاك ذروة مما في يده فكل من وصل إليك نعمة من الله تعالى على يده فهو مضطر إذ سلط الله عليه الإرادة وهيج عليه الدواعي وألقى في نفسه أن خيره في الدنيا والآخرة أن يعطيك ما أعطاك وأن غرضه المقصود عنده في الحال والمآل لا يحصل إلا به وبعد أن خلق الله له هذا الاعتقاد لا يجد سبيل إلى تركه فهو إذن إنما يعطيك [1] حديث من قال سبحان الله فله عشر حسنات الحديث تقدم في الدعوات [2] حديث أفضل الذكر لا إله إلا الله وافضل الوعاء الحمد لله احرجه الترمذي وحسنه والنسائي في اليوم والليلة وابن ماجه وابن حبان من حديث جابر [3] حديث ليس شيء من الأذكار يضاعف ما يضاعف الحمد لله لم اجده مرفوعا وانما رواه ابن ابي الدنيا في كتاب الشكر عن ابراهيم النخعي يقال إن الحمد اكثر الكلام تضعيفا
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 4 صفحه : 82