responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 4  صفحه : 493
انظر وقد خرجوا من بين أطباقها وكأني انظر إلى تلك الوجوه المتعفرة وإلى تلك الأجسام المتغيرة وإلى تلك الأجفان الدسمة فيا لها من نظرة لو أشربها العباد قلوبهم ما أنكل مرارتها للأنفس وأشد تلفها للأبدان بل ينبغي أن يحضر من صورة الميت ما ذكره عمر بن عبد العزيز حيث دخل عليه فقيه فتعجب من تغير صورته لكثرة الجهاد والعبادة فقال له يا فلان لو رأيتني بعد ثلاث وقد أدخلت قبريى وقد خرجت الحدقتان فسالتا على الخدين وتقلصت الشفتان عن الأسنان وخرج الصديد من الفم وانفتح الفم ونتأ البطن فعلا الصدر وخرج الصلب من الدبر وخرج الدود والصديد من المناخر لرأيت أعجب مما تراه الآن
ويستحب الثناء على الميت وألا يذكر إلا بالجميل قالت عائشة رضي الله عنها قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا مات صاحبكم فدعوه ولا تقعوا فيه [1] وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَسُبُّوا الْأَمْوَاتَ فإنهم قد أمضوا إلى ما قدموا [2] وقال صلى الله عليه وسلم لا تذكروا موتاكم إلا بخير فإنهم إن يكونوا من أهل الجنة تأثموا وإن يكونوا من أهل النار فحسبهم ما هم فيه [3] وقال أنس بن مالك مرت جنازة عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأثنوا عليها شرا فقال عليه السلام وجبت ومروا بأخرى فأثنوا عليها خيراً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجبت فسأله عمر عن ذلك فقال إن هذا أثنيتم عليه خيرا فوجبت له الجنة وهذا أثنيتم عليه شرا فوجبت له النار وأنتم شهداء الله في الأرض [4] وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم إن العبد ليموت فيثني عليه القوم الثناء يعلم الله منه غيره ليقول الله تعالى لملائكته أشهدكم أني قد قبلت شهادة عبيدي على عبدي وتجاوزت عن علمي في عبدي (5)
الباب السابع في حقيقة الموت وما يلقاه الميت في القبر إلى نفخة
الصور بيان حقيقة الموت
أعلم أن للناس في حقيقة الموت ظنونا كاذبة قد اخطأوا فيها فظن بعضهم أن الموت هو العدم وأنه لا حشر ولا نشر ولا عاقبة للخير والشر وأن موت الإنسان كموت الحيوانات وجفاف النبات وهذا رأى الملحدين وكل من لا يؤمن بالله واليوم الآخر وظن قوم أنه ينعدم بالموت ولا يتأم بضار ولا يتنعم بثواب ما دام في القبر إلى أن يعاد في وقت الحشر وقال آخرون إن الروح باقية لا تنعدم بالموت وإنما المثاب والمعاقب هي الأرواح دون الأجساد وإن الأجساد لا تبعث ولا تحشر أصلا وكل هذه ظنون فاسدة ومائلة عن الحق بل الذي تشهد له طرق الاعتبار وتنطق به الآيات والأخبار أن الموت معناه تغير حال فقط وأن الروح باقية بعد مفارقة الجسد إما معذبة وإما منعمة ومعنى مفارقتها للجسد

[1] حديث إذا مات صاحبكم فدعوه ولا تفعوا فيه أخرجه أبو داود من حديث عائشه
[2] حديث لَا تَسُبُّوا الْأَمْوَاتَ فَإِنَّهُمْ قَدْ أَفْضَوْا إِلَى ما قدموا أخرجه البخاري من حديث عائشة أيضا
[3] حديث لا تذكروا موتاكم إلا بخير الحديث أخرجه ابن أبي الدنيا في الموت هكذا بإسناد ضعيف من حديث عائشة وهو عند النسائي من حديث عائشة باسناد جيد منتصرا هل ما ذكر منه هنا بلفظ هلكاكم وذكر الزيادة صاحب مسند الفردوس وعلم عليه علامة النسائي والطبراني
[4] حديث أنس مرت جنازة عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأثنوا عليها شرا فقال وجبت الحديث متفق عليه
(5) حديث أبي هريرة إن العبد ليموت فيثني عليه القوم الثناء يعلم الله منه غير ذلك الحديث أخرجه أحمد من رواية شيخ من أهل البصرة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم يرويه على ربه عز وجل ما من عبد مسلم يموت فيشهد له ثلاث أبيات من جيرانه الأدنين بخير إلا قال الله عز وجل قد قبلت شهادة عبادي على ما علموا وغفرت له ما أعلم
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 4  صفحه : 493
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست