responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 4  صفحه : 330
وخدع النفس مهما ادعت محبة الله تعالى ما لم يمتحنها بالعلامات ولم يطالبها بالبراهين والأدلة
والمحبة شجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء وثمارها تظهر في القلب واللسان والجوارح
وتدل تلك الآثار الفائضة منها على القلب والجوارح على المحبة دلالة الدخان على النار ودلالة الثمار على الأشجار وهي كثيرة فمنها حب لقاء الحبيب بطريق الكشف والمشاهدة في دار السلام فلا يتصور أن يحب القلب محبوباً إلا ويحب مشاهدته ولقاءه وإذا علم أنه لا وصول إلا بالارتحال من الدنيا ومفارقتها بالموت فينبغي أن يكون محباً للموت غير فار منه فإن المحب لا يثقل عليه السفر عن وطنه إلى مستقر محبوبه ليتنعم بمشاهدته والموت مفتاح اللقاء وباب الدخول إلى المشاهدة
قال صلى الله عليه وسلم من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه [1] وقال حذيفة عند الموت حبيب جاء على فاقة لا أفلح من ندم
وقال بعض السلف ما من خصلة أحب إلى الله أن تكون في العبد بعد حب لقاء الله من كثرة السجود فقدم حب لقاء الله على السجود
وقد فرط الله سبحانه لحقيقة الصدق في الحب القتل في سبيل الله حيث قالوا إنا نحب الله فجعل القتل في سبيل الله وطلب الشهادة علامته فقال تعالى إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً وقال عز وجل يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وفي وصية أبي بكر لعمر رضي الله تعالى عنهما الحق ثقيل وهو مع ثقله مرىء والباطل خفيف وهو مع خفته وبىء فإن حفظت وصيتي لم يكن غائب أحب إليك من الموت وهو مدركك وإن ضيعت وصيتي لم يكن غائب أبغض إليك من الموت ولن تعجزه
ويروى عن إسحق بن سعد بن أبي وقاص قال حدثني أبي أن عبد الله بن جحش قال له يوم أحد ألا ندعو الله فخلوا في ناحية فدعا عبد الله بن جحش فقال يارب إني أقسمت عليك إذا لقيت العدو غداً فلقني رجلاً شديداً بأسه شديداً حرده أقاتله فيك ويقاتلني ثم يأخذني فيجدع أنفي وأذني ويبقر بطني فإذا لقيتك غداً قلت يا عبد الله من جدع أنفك وأذنك فأقول فيك يارب وفي رسولك فتقول صدقت قال سعد فلقد رأيته آخر النهار وإن أنفه وأذنه لمعلقتان في خيط [2] قال سعيد بن المسيب أرجو أن يبر الله آخر قسمه كما أبر أوله
وقد كان الثوري وبشر الحافي يقولان لا يكره الموت إلا مريب لأن الحبيب على كل حال لا يكره لقاء حبيبه
وقال البويطي لبعض الزهاد أتحب الموت فكأنه توقف فقال لو كنت صادقاً لأحببته وتلا قوله تعالى فتمنوا الموت إن كنتم صادقين فقال الرجل فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لا يتمنينأحدكم الموت [3] فقال إنما قاله لضر نزل به لأن الرضا بقضاء الله تعالى أفضل من طلب الفرار منه
فإن قلت من لا يحب الموت فهل يتصور أن يكون محباً لله فأقول كراهة الموت قد تكون لحب الدنيا والتأسف على فراق الأهل والمال والولد وهذا ينافي كمال حب الله تعالى لأن الحب الكامل هو الذي يستغرق كل القلب ولكن لا يبعد أن يكون له مع حب الأهل والولد شائبة من حب الله تعالى ضعيفة فإن الناس متفاوتون في الحب ويدل على التفاوت ما روي أن أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس لما زوج أخته فاطمة من سالم مولاه عاتبته قريش في ذلك وقالوا أنكحت عقيلة من عقائل قريش لمولى فقال والله لقد أنكحته إياها

[1] حديث من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه متفق عليه من حديث أبى هريرة وعائشة
[2] حديث اسحق بن سعد ابن أبي وقاص قال حدثني أبي أن عبد الله بن جحش قال له يوم أحد ألا ندعو الله فخلوا في ناحية فدعا عبد الله بن جحش فقال يارب انى أقسم عليك إذا لقيت العدو غداً فلقني رجلاً شديداً بأسه شديداً حرده أقاتله فيك ويقاتلنى ويجدع أنفى وأذنى الحديث أخرجه الطبرانى ومن طريقه أبو نعيم في الحلية واسناده جيد
[3] حديث لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به الحديث متفق عليه من حديث أنس وقد تقدم
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 4  صفحه : 330
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست