نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 4 صفحه : 278
وهذا كله حكم المنفرد فأما المعيل فلا يخرج عن حد التوكل بادخار قوت سنة لعياله جبراً لضعفهم وتسكيناً لقلوبهم وادخار أكثر من ذلك مبطل للتوكل لأن الأسباب تتكرر عند تكرر السنين فادخاره ما يزيد عليه سببه ضعف قلبه وذلك يناقض قوة التوكل فالمتوكل عبارة عن موحد قوي القلب مطمئن النفس إلى فضل الله تعالى واثق بتدبيره دون وجود الأسباب الظاهرة وقد ادخر رسول الله صلى الله عليه وسلم لعياله قوت سنة [1] ونهى أم أيمن وغيرها أن تدخر له شيئاً لغد [2] ونهى بلالاً عن الادخار في كسرة خبز ادخرها ليفطر عليها فقال صلى الله عليه وسلم أنفق بلالاً ولا تخش من ذي العرش إقلالاً [3] وقال صلى الله عليه وسلم إذا سئلت فلا تمنع وإذا أعطيت فلا تخبأ [4] إقتداء بسيد المتوكلين صلى الله عليه وسلم وقد كان قصر أمله بحيث كان إذا بال تيمم مع قرب الماء ويقول ما يدريني لعلي لا أبلغه [5] وكان صلى الله عليه وسلم لو أخر لم ينقص ذلك من توكله إذ كان لا يثق بما ادخره ولكنه عليه السلام ترك ذلك تعليماً للأقوياء من أمته فإن أقوياء أمته ضعفاء بالإضافة إلى قوته وادخر عليه السلام لعياله سنة لا لضعف قلب فيه وفي عياله ولكن ليسن ذلك للضعفاء من أمته بل أخبر إن الله تعالى يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه [6] تطييباً لقلوب الضعفاء حتى لا ينتهي بهم الضعف إلى اليأس والقنوط فيتركون الميسور من الخير عليهم بعجزهم عن منتهى الدرجات فما أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا رحمة للعالمين كلهم عليه اختلاف أصنافهم ودرجاتهم وإذا فهمت هذا علمت أن الادخار قد يضر بعض الناس وقد لا يضر ويدل على ما روى أبو أمامة الباهلي أن بعض أصحاب الصفة توفي فما وجد له كفن فقال صلى الله عليه وسلم فتشوا ثوبه فوجدوا فيه دينارين في داخل إزاره فقال صلى الله عليه وسلم كيتان [7] وقد كان غيره من المسلمين يموت ويخلف أموالاً ولا يقول ذلك في حقه وهذا يحتمل وجهين لأن حاله يحتمل حالين أحدهما أنه أراد كيتين من النار كما قال تعالى تكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم وذلك إذا كان حاله إظهار الزهد والفقر والتوكل مع الإفلاس عنه فهو نوع تلبيس والثاني أن لا يكون ذلك عن تلبيس فيكون المعنى به النقصان عن درجة كماله كما ينقص من جمال الوجه أثر كيتين في الوجه وذلك لا يكون عن تلبيس فإن كل ما يخلفه الرجل فهو نقصان عن درجته في الآخرة إذ لا يؤتى أحد من الدنيا شيئاً إلا نقص بقدره من الآخرة وأما بيان أن الادخار مع فراغ القلب عن المدخر ليس من ضرورته بطلان التوكل فيشهد له ما روي عن بشر قال الحسين المغازلي من أصحابه كنت عنده ضحوة من النهار فدخل عليه رجل كهل أسمر خفيف العارضين فقام إليه بشر قال وما رأيته قام لأحد غيره قال ودفع إلي كفاً من دراهم وقال اشتر لنا من أطيب ما تقدر عليه من الطعام الطيب وما قال لي قط [1] حديث ادخر لعياله قوت سنة متفق عليه وتقدم في الزكاة [2] حديث نهى أم أيمن وغيرها أن تدخر شيئا لغد تقدم نهيه لأم أيمن وغيرها [3] حديث نهى بلالا عن الادخار وقال أنفق بلالاً ولا تخش من ذي العرش إقلالاً رواه البزار من حديث ابن مسعود وأبي هريرة وبلال دخل عليه النبي صلى الله عليه وسلم وعنده صبر من تمر فقال ذلك وروى أبو يعلى والطبرانى في الأوسط حديث أبي هريرة وكلها ضعيفة
وأما ما ذكره المصنف من أنه ادخر كسرة خبز فلم أره [4] حديث قال لبلال إذا سئلت فلا تمنع وإذا أعطيت فلا تخبأ رواه الطبراني والحاكم من حديث أبي سعيد وهو ثقة [5] حديث أنه صلى الله عليه وسلم بال وتيمم مع قرب الماء ويقول ما يدريني لعلي لا أبلغه أخرجه ابن أبي الدنيا في قصر الأمل من حديث ابن عباس بسند ضعيف [6] حديث إن الله يحب أن تؤتى رخصه الحديث أخرجه أحمد والطبرانى والبيهقي من حديث أم عمر وقد تقدم [7] حديث أبي أمامة توفى بعض أصحاب الصفة فوجدوا دينارين في داخلة إزاره فقال صلى الله عليه وسلم كيتان رواه أحمد من رواية شهر بن حوشب عنه
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 4 صفحه : 278