responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 4  صفحه : 235
على قتيبة بن مسلم وعليه جبة صوف فقال له قتيبة ما دعاك إلى مدرعة الصوف فسكت فقال أكلمك ولا تجيبني فقال أكره أن أقول زهداً فأزكي نفسي أو فقراً فأشكو ربي
وقال أبو سليمان لما اتخذ الله إبراهيم خليلاً أوحى إليه أن وار عورتك من الأرض وكان لا يتخذ من كل شيء إلا واحداً سوى السراويل فإنه كان يتخذ سراويلين فإذا غسل أحدهما لبس الآخر حتى لا يأتي عليه حال إلا وعورته مستورة وقيل لسلمان الفارسي رضي الله عنه مالك لا تلبس الجيد من الثياب فقال وما للعبد والثوب الحسن فإذا عتق فله والله ثياب لا تبلى أبداً ويروى عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله أنه كان له جبة شعر وكساء يلبسهما من الليل إذا قام يصلي
وقال الحسن لفرقد السبخي تحسب أن لك فضلاً على الناس بكسائك بلغني أن أكثر أصحاب النار أصحاب الأكسية نفاقاً وقال يحيى بن معين أرأيت أبا معاوية الأسود وهو يلتقط الخرق من المزابل ويغسلها ويلفقها ويلبسها فقلت إنك تكسى خيراً من هذا فقال ما ضرهم ما أصابهم في الدنيا جبر الله لهم بالجنة كل مصيبة فجعل يحيى ابن معين يحدث بها ويبكي
المهم الثالث المسكن وللزهد فيه أيضاً ثلاث درجات أعلاها أن لا يطلب موضعاً خاصاً لنفسه فيقنع بزوايا المساجد كأصحاب الصفة
وأوسطها أن يطلب موضعاً خاصاً لنفسه مثل كوخ مبني من سعف أو خص ما يشبهه وأدناها أن يطلب حجرة مبنية إما بشراء أو إجارة فإن كان قدر سعة المسكن على قدر حاجته من غير زيادة ولم يكن فيه زينة لم يخرجه هذا القدر عن آخر درجات الزهد فإن طلب التشييد والتجصيص والسعة وارتفاع السقف أكثر من ستة أذرع فقد جاوز بالكلية حدد للزهد في المسكن فاختلاف جنس البناء بأن يكون من الجص أو القصب أو بالطين أو بالآجر واختلاف قدره بالسعة والضيق واختلاف طوله بالإضافة إلى الأوقات بأن يكون مملوكاً أو مستأجراً أو مستعاراً والزهد مدخل في جميع ذلك
وبالجملة كل ما يراد للضرورة فلا ينبغي أن يجاوز حد الضرورة
وقدر الضرورة من الدنيا آلة الدين ووسيلته وما جاوز ذلك فهو مضاد للدين والغرض من المسكن دفع المطر والبرد ودفع الأعين والأذى وأقل الدرجات فيه معلوم وما زاد عليه فهو الفضول والفضول كله من الدنيا وطالب الفضول والساعي له بعيد من الزهد جداً وقد قيل أول شيء ظهر من طول الأمل بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التدريز والتشييد يعنى يالتدريز كف دروز الثياب فإنها كانت تشل شلاً والتشييد هو البنيان بالجص والآجر وإنما كانوا يبنون بالسعف والجريد [1] وقد جاء في الخبر يأتي على الناس زمان يوشون ثيابهم كما توشى البرود اليمانية وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم العباس أن يهدم علية كان قد علا بها (2)
ومر عليه السلام بجنبذة معلاة فقال لمن هذه قالوا لفلان فلما جاءه الرجل أعرض عنه فلم يكن يقبل عليه كما كان فسأل الرجل أصحابه عن تغيير وجهه صلى الله عليه وسلم فأخبر فذهب فهدمها فمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالموضع فلم يرها فأخبر بأنه هدمها فدعا له بخير (3)

[1] حديث كانت الثياب تشل شلا وكانوا يبنون بالسعف والجريد
أما شل الثياب من غير كف فروى الطبراني والحاكم أن عمر قطع ما فضل عن الأصابع من غير كف وقال
هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأما البناء ففي الصحيحين من حديث أنس في قصة بناء مسجد المدينة فصفوا النخل قبلة المسجد وجعلوا عضادتيه الحجارة الحديث ولهما من حديث أبي سعيد كان المسجد على عريش فوكف المسجد
(2) حديث أمر العباس أن يهدم علية له كان قد علاها
رواه الطبراني من رواية أبي العالية أن العباس بنى غرفة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم اهدمها الحديث وهو منقطع
(3) حديث مر بجنبذة معلاة فقال لمن هذه فقالوا لفلان فلما جاءه الرجل أعرض عنه الحديث أخرجه أبو داود من حديث أنس بإسناد جيد بلفظ فرأى قبة مشرفة الحديث والجنبذة القبة
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 4  صفحه : 235
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست