نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 4 صفحه : 207
ففهم منه الرخصة في أمل الحياة أربعين يوماً
وهذه درجة المتقين والثالثة أن يدخر لسنته وهي أقصى المراتب وهي رتبة الصالحين ومن زاد في الادخار على هذا فهو واقع في غمار العموم خارج عن حيز الخصوص بالكلية فغنى الصالح الضعيف في طمأنينة قلبه في قوت سنته وغنى الخصوص في أربعين يوماً وغنى خصوص الخصوص في يوم وليلة وقد قسم النبي صلى الله عليه وسلم نساءه على مثل هذه الأقسام فبعضهن كان يعطيها قوت سنة عند حصول ما يحصل وبعضهن قوت أربعين يوماً وليلة وهو قسم عائشة وحفصة
بيان آدَابُ الْفَقِيرِ فِي قَبُولِ الْعَطَاءِ إِذَا جَاءَهُ بِغَيْرِ سُؤَالٍ
يَنْبَغِي أَنْ يُلَاحِظَ الْفَقِيرُ فِيمَا جَاءَهُ ثَلَاثَةَ أُمُورٍ نَفْسُ الْمَالِ
وَغَرَضُ الْمُعْطِي وَغَرَضُهُ فِي الْأَخْذِ
أَمَّا نَفْسُ الْمَالِ فَيَنْبَغِي أن يكون حلالاً خالياً عن الشبهات كلها فَإِنْ كَانَ فِيهِ شُبْهَةٌ فَلْيَحْتَرِزْ مِنْ أَخْذِهِ وقد ذكرنا في كتاب الحلال والحرام درجات الشبهة وما يجب اجتنابه وما يستحب
وَأَمَّا غَرَضُ الْمُعْطِي فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَكُونَ غَرَضُهُ تَطْيِيبَ قَلْبِهِ وَطَلَبَ مَحَبَّتِهِ وَهُوَ الهدية أو الثواب وهو الصدقة والزكاة والذكر والرياء والسمعة إما على التجرد وإما ممزوجاً ببقية الأغراض
أَمَّا الْأَوَّلُ وَهُوَ الْهَدِيَّةُ فَلَا بَأْسَ بِقَبُولِهَا فَإِنَّ قَبُولَهَا سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [1] وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ فِيهَا مِنَّةٌ فَإِنْ كَانَ فِيهَا مِنَّةٌ فَالْأَوْلَى تَرْكُهَا فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ بَعْضَهَا مِمَّا تَعْظُمُ فيه المنة فليرد البعض دون البعض فقد أهدي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سمن وأقط وكبش فقبل السمن والأقط ورد الكبش [2] وكان صلى الله عليه وسلم يقبل من بعض الناس ويرد على بعض (3)
وقال لقد هممت أن لا أتهب إلا من قرشي أو ثقفي أو أنصاري أو دوسي [4] وفعل هذا جماعة من التابعين
وجاءت إلى فتح الموصلي صرة فيها خمسين درهماً فقال حدثنا عطاء عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قال من أتاه رزق من غير مسألة فرده فأنما يرده على الله [5] ثم فتح الصرة فأخذ منها درهماً ورد سائرها
وكان الحسن يروي هذا الحديث أيضاً ولكن حمل إليه رجل كيساً ورزمة من رقيق ثياب خراسان فرد ذلك وقال من جلس مجلسي هذا وقبل من الناس مثل هذا لقي الله عز وجل يوم القيامة وليس له خلاق
وهذا يدل على أن أمر العالم والواعظ أشد في قبول العطاء وقد كان الحسن يقبل من أصحابه
وكان إبراهيم التيمي يسأل من أصحابه الدرهم والدرهمين ونحوه ويعرض عليه غيرهم المئين فلا يأخذها وكان بعضهم إذا أعطاه صديقه شيئاً يقول اتركه عندك وانظر إن كنت بعد قبوله في قلبك أفضل مني قبل القبول فأخبرنى [1] حديث أن قبول الهدية سنة تقدم أنه صلى الله عليه وسلم كان يقبل الهدية [2] حديث أهدي إلى النبي صلى الله عليه وسلم سمن وأقط وكبش فقبل السمن والأقط ورد الكبش
أخرجه أحمد في أثناء حديث ليعلى بن مرة وأهدت إليه كبشين وشيئا من سمن وأقط فقال النبي صلى الله عليه وسلم خذ الأقط والسمن وأحد الكبشين ورد عليها الآخر وإسناده جيد وقال وكيع مرة عن يعلى بن مرة عن أبيه
(3) حديث كان يقبل من بعض الناس ويرد على بعض رواه أبو داود والترمذي من حديث أبي هريرة وأيم الله لا أقبل بعد يومي هذا من أحد هدية إلا أن يكون مهاجريا الحديث فيه محمد بن إسحق ورواه بالعنعنة [4] حديث لقد هممت أن لا أتهب إلا من قريشي أو ثقفي أو أنصاري او دوسي أخرجه الترمذي من حديث أبي هريرة وقال روى من غير وجه عن أبي هريرة قلت ورجاله ثقات [5] حديث عطاء مرسلا من أتاه رزق من غير وسيلة فرده فإنما يرد على الله عز وجل لم أجده مرسلا هكذا ولأحمد وأبي يعلى والطبراني بإسناد جيد من حديث خالد بن عدي الجهني من بلغه معروف من أخيه من غير مسئلة ولا إشراف نفس فليقبله ولا يرده فإنما هو رزق ساقه الله عز وجل إليه ولأحمد وأبي داود الطيالسي من حديث أبي هريرة من آتاه الله من هذا المال شيئا من غير أن يسأله فليقبله وفي الصحيحين من حديث عمر ما أتاك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه الحديث
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 4 صفحه : 207