نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 4 صفحه : 172
سنة أسطوانة فمات لم أقطع له بالتوحيد لأني لا أدري ما ظهر له من التقلب
وقال بعضهم لو كانت الشهادة على باب الدار والموت على الإسلام عند باب الحجرة لاخترت الموت على الإسلام لأني لا أدري ما يعرض لقلبي بين باب الحجرة وباب الدار
وكان أبو الدرداء يحلف بالله ما أحد أمن على إيمانه أن يسلبه عن الموت إلا سلبه
وكان سهل يقول خوف الصديقين من سوء الخاتمة عند كل خطرة وعند كل حركة وهم الذين وصفهم الله تعالى إذ قال وقلوبهم وجلة
ولما احتضر سفيان جعل يبكي ويجزع فقيل له يا أبا عبد الله عليك بالرجاء فإن عفو الله أعظم من ذنوبك فقال أو على ذنوبي أبكي لو علمت أني أموت على التوحيد لم أبال بأن ألقى الله بأمثال الجبال من الخطايا
وحكي عن بعض الخائفين أنه أوصى بعض إخوانه فقال إذا حضرتني الوفاة فاقعد عند رأسي فإن رأيتني مت على التوحيد فخذ جميع ما أملكه فاشتر به لوزاً وسكراً وانثره على صبيان أهل البلد وقل هذا عرس المنفلت وإن مت على غير التوحيد فأعلم الناس بذلك حتى لا يغتروا بشهود جنازتي ليحضر جنازتي من أحب على بصيرة لئلا يلحقني الرياء بعد الوفاة
فقال وبم اعلم ذلك فذكر له علامة فرأى علامة التوحيد عند موته فاشترى السكر واللوز وفرقه
وكان سهل يقول المريد يخاف أن يبتلى بالمعاصي والعارف يخاف أن يبتلى بالكفر
وكان أبو زيد يقول إذا توجهت إلى المسجد فكأن في وسطي زناراً أخاف أن يذهب بي إلى البيعة وبيت النار حتى أدخل المسجد فينقطع عني الزنار فهذا لي في كل يوم خمس مرات
وروي عن المسيح عليه الصلاة والسلام أنه قال يا معشر الحواريين أنتم تخافون المعاصي ونحن معاشر الأنبياء نخاف الكفر
وروي في أخبار الأنبياء أن نبياً شكى إلى الله تعالى الجوع والقمل والعري سنين وكان لباسه الصوف
فأوحى الله تعالى إليه عبدي أما رضيت أن عصمت قلبك أن تكفر بي حتى تسألني الدنيا فأخذ التراب فوضعه على رأسه وقال بلى قد رضيت يا رب فاعصمني من الكفر
فإن كان خوف العارفين مع رسوخ أقدامهم وقوة إيمانهم من سوء الخاتمة فكيف لا يخافه الضعفاء
ولسوء الخاتمة أسباب تتقدم على الموت مثل البدعة والنفاق والكبر وجملة من الصفات المذمومة ولذلك اشتد خوف الصحابة من النفاق حتى قال الحسن لو أعلم أني برئ من النفاق كان أحب إلي مما طلعت عليه الشمس وما عنوا به النفاق الذي هو ضد أصل الإيمان بل المراد به ما يجتمع مع أصل الإيمان فيكون مسلماً منافقاً وله علامات كثيرة قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فيه فهو منافق خالص وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم وإن كانت فيه خصلة منهم ففيه شعبة من النفاق حتى يدعها مَنْ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وإذا ائتمن خان وإذا خاصم فجر (1)
وفي لفظ آخر وإذا عاهد غدر
وقد فسر الصحابة والتابعون النفاق بتفاسير لا يخلو عن شيء منه إلا صديق إذ قال الحسن إن من النفاق اختلاف السر والعلانية واختلاف اللسان والقلب واختلاف المدخل والمخرج ومن الذي يخلو عن هذا المعاني
(1) حديث أربع من كن فيه فهو منافق الحديث متفق عليه من حديث عبد الله بن عمرو وقد تقدم في قواعد العقائد
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 4 صفحه : 172