responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 3  صفحه : 80
بعد أن يوسع عليه ما يلتذ به ويشتهيه ويكثر عليه ما يهيج بواعثه ويؤكد دواعيه كل ذلك يمتحنه به ويبتليه فينظر كيف يؤثره على ما يهواه وينتحيه وكيف يحفظ أوامره وينتهي عن نواهيه ويواظب على طاعته وينزجر عن معاصيه والصلاة على محمد عبده النبيه ورسوله الوجيه صلاة تزلفه وتحظيه وترفع منزلته وتعليه وعلى الأبرار من عترته وأقربيه والأخيار من صحابته وتابعيه
أما بعد فأعظم المهلكات لابن آدم شهوة البطن فبها أخرج آدم عليه السلام وحواء من دار القرار إلى دار الذل والافتقار إذ نهيا عن الشجرة فغلبتهما شهواتهما حتى أكلا منها فبدت لهما سوآتهما والبطن على التحقيق ينبوع الشهوات ومنبت الأدواء والآفات إذ يتبعها شهوة الفرج وشدة الشبق إلى المنكوحات ثم تتبع شهوة الطعام والنكاح شدة الرغبة في الجاه والمال اللذين هما وسيلة إلى التوسع في المنكوحات والمطعومات ثم يتبع استكثار المال والجاه أنواع الرعونات وضروب المنافسات والمحاسدات ثم يتولد بينهما آفة الرياء وغائلة التفاخر والتكاثر والكبرياء ثم يتداعى ذلك إلى الحقد والحسد والعداوة والبغضاء ثم يفضي ذلك بصاحبه إلى اقتحام البغي والمنكر والفحشاء وكل ذلك ثمرة إهمال المعدة وما يتولد منها من بطر الشبع والامتلاء ولو ذلل العبد نفسه بالجوع وضيق به مجاري الشيطان لأذعنت لطاعة الله عز وجل ولم تسلك سبيل البطر والطغيان ولم ينجر به ذلك إلى الانهماك في الدنيا وإيثار العاجلة على العقبى ولم يتكالب كل هذا التكالب على الدنيا وإذا عظمت آفة شهوة البطن إلى هذا الحد وجب شرح غوائلها وآفاتها تحذيراً منها ووجب إيضاح طريق المجاهدة لها والتنبيه على فضلها ترغيباً فيها وكذلك شرح شهوة الفرج فإنها تابعة لها ونحن نوضح ذلك بعون الله تعالى في فصول يجمعها بيان فضيلة الجوع ثم فوائده ثم طريق الرياضة في كسر شهوة البطن بالتقليل من الطعام والتأخير ثم بيان اختلاف حكم الجوع وفضيلته باختلاف أحوال الناس ثم بيان الرياضة في ترك الشهوة ثم القول في شهوة الفرج ثم بيان ما على المريد في ترك التزويج وفعله ثم بيان فضيلة من يخالف شهوة البطن والفرج والعين
بيان فضيلة الجوع وذم الشبع

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جاهدوا أنفسكم بالجوع والعطش فإن الأجر في ذلك كأجر المجاهد في سبيل الله وأنه ليس من عمل أحب إلى الله من جوع وعطش [1] وقال ابن عباس قال النبي صلى الله عليه وسلم لا يدخل ملكوت السماء من ملأ بطنه [2] وقيل يا رسول الله أي الناس أفضل قال من قل مطعمه وضحكه ورضي مما يستر به عورته [3] وقال النبي صلى الله عليه وسلم سيد الأعمال الجوع وذل النفس لباس الصوف [4] وقال أبو سعيد الخدري قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ البسوا وكلوا واشربوا في أنصاف البطون فإنه جزء من النبوة [5] وقال الحسن قال النبي صلى الله عليه وسلم الفكر نصف العبادة وقلة الطعام هي العبادة [6] وقال الحسن أيضاً قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أفضلكم عند الله منزلة يوم القيامة أطولكم جوعاً وتفكراً في الله سبحانه وأبغضكم

[1] حديث جاهدوا أنفسكم بالجوع والعطش ثم أجد له أصلا
[2] حديث ابن عباس لا يدخل ملكوت السموات من ملأ بطنه لم أجده أيضا
[3] حديث أي الناس أفضل قال من قل طعمه وضحكه ورضي بما يستر عورته يأتي الكلام عليه وعلى ما بعده من الأحاديث
[4] حديث سيد الأعمال الجوع وذل النفس لباس الصوف
[5] حديث أبي مسعود الخدري البسوا وكلوا واشربوا في أنصاف البطون
[6] حديث الفكر نصف العبادة وقلة الطعام هي العبادة
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 3  صفحه : 80
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست