responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 3  صفحه : 73
ثُمَّ يَشْتَغِلُ فِي الْمَكْتَبِ فَيَتَعَلَّمُ الْقُرْآنَ وَأَحَادِيثَ الأخبار وَحِكَايَاتِ الْأَبْرَارِ وَأَحْوَالَهُمْ لِيَنْغَرِسَ فِي نَفْسِهِ حُبُّ الصالحين ويحفظ مِنَ الْأَشْعَارِ الَّتِي فِيهَا ذِكْرُ الْعِشْقِ وَأَهْلِهِ ويحفظ من مخالطة الأدباء الذين يزعمون أن ذلك من الظرف ورقة الطبع فَإِنَّ ذَلِكَ يَغْرِسُ فِي قُلُوبِ الصِّبْيَانِ بَذْرَ الْفَسَادِ
ثُمَّ مَهْمَا ظَهَرَ مِنَ الصَّبِيِّ خُلُقٌ جَمِيلٌ وَفِعْلٌ مَحْمُودٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يُكْرَمَ عَلَيْهِ وَيُجَازَى عَلَيْهِ بِمَا يَفْرَحُ بِهِ وَيُمْدَحُ بَيْنَ أَظْهُرِ النَّاسِ فَإِنْ خَالَفَ ذَلِكَ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ مَرَّةً وَاحِدَةً فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَغَافَلَ عَنْهُ وَلَا يَهْتِكَ سِتْرَهُ وَلَا يُكَاشِفَهُ وَلَا يُظْهِرَ له أنه يتصور أن يتجاسروا أَحَدٌ عَلَى مِثْلِهِ وَلَا سِيَّمَا إِذَا سَتَرَهُ الصبي واجتهد في إخفائه فإن إظهار ذَلِكَ عَلَيْهِ رُبَّمَا يُفِيدُهُ جَسَارَةً حَتَّى لَا يُبَالِيَ بِالْمُكَاشَفَةِ فَعِنْدَ ذَلِكَ إِنْ عَادَ ثَانِيًا فينبغي أَنْ يُعَاتَبَ سِرًّا وَيُعَظَّمَ الْأَمْرُ فِيهِ وَيُقَالُ لَهُ إِيَّاكَ أَنْ تَعُودَ بَعْدَ ذَلِكَ لِمِثْلِ هَذَا وَأَنْ يُطَّلَعَ عَلَيْكَ فِي مِثْلِ هَذَا فَتَفْتَضِحَ بَيْنَ النَّاسِ وَلَا تُكْثِرِ الْقَوْلَ عَلَيْهِ بِالْعِتَابِ فِي كُلِّ حِينٍ فَإِنَّهُ يَهُونُ عَلَيْهِ سَمَاعُ الْمَلَامَةِ وَرُكُوبُ الْقَبَائِحِ وَيَسْقُطُ وَقْعُ الْكَلَامِ من قلبه وليكن الأب حافظاً هيبة الْكَلَامِ مَعَهُ فَلَا يُوَبِّخُهُ إِلَّا أَحْيَانًا وَالْأُمُّ تُخَوِّفُهُ بِالْأَبِ وَتَزْجُرُهُ عَنِ الْقَبَائِحِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُمْنَعَ عَنِ النَّوْمِ نَهَارًا فَإِنَّهُ يُورِثُ الْكَسَلَ وَلَا يُمْنَعَ مِنْهُ لَيْلًا وَلَكِنْ يُمْنَعُ الْفُرُشَ الوطيئة حتى تتصلب أعضاؤه ولا يسمن بدنه فلا يصبر عن التَّنَعُّمِ بَلْ يُعَوَّدُ الْخُشُونَةَ فِي الْمَفْرَشِ وَالْمَلْبَسِ وَالْمَطْعَمِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُمْنَعَ مِنْ كُلِّ مَا يَفْعَلُهُ فِي خِفْيَةٍ فَإِنَّهُ لَا يُخْفِيهِ إِلَّا وهو يعتقد أنه قبيح فإذا ترك تعود فِعْلَ الْقَبِيحِ وَيُعَوَّدُ فِي بَعْضِ النَّهَارِ الْمَشْيَ وَالْحَرَكَةَ وَالرِّيَاضَةَ حَتَّى لَا يَغْلِبَ عَلَيْهِ الْكَسَلُ وَيُعَوَّدُ أَنْ لَا يَكْشِفَ أَطْرَافَهُ وَلَا يُسْرِعَ المشي ولا يرخي يديه بل يضمها إلى صدره وَيُمْنَعُ مِنْ أَنْ يَفْتَخِرَ عَلَى أَقْرَانِهِ بِشَيْءٍ مِمَّا يَمْلِكُهُ وَالِدَاهُ أَوْ بِشَيْءٍ مِنْ مَطَاعِمِهِ وملابسه أو لوحه ودواته بَلْ يُعَوَّدُ التَّوَاضُعَ وَالْإِكْرَامَ لِكُلِّ مَنْ عَاشَرَهُ وَالتَّلَطُّفَ فِي الْكَلَامِ مَعَهُمْ وَيُمْنَعُ مِنْ أَنْ يأخذ من الصبيان شيئاً بدا له حشمة إن كان من أولاد المحتشمين بَلْ يَعْلَمُ أَنَّ الرِّفْعَةَ فِي الْإِعْطَاءِ لَا فِي الْأَخْذِ وَأَنَّ الْأَخْذَ لُؤْمٌ وَخِسَّةٌ وَدَنَاءَةٌ وإن كان من أولاد الفقراء فليعلم أن الطمع والأخذ مهانة وذلة وَأَنَّ ذَلِكَ مِنْ دَأْبِ الْكَلْبِ فَإِنَّهُ يُبَصْبِصُ فِي انْتِظَارِ لُقْمَةٍ وَالطَّمَعِ فِيهَا
وَبِالْجُمْلَةِ يُقَبَّحُ إِلَى الصِّبْيَانِ حُبُّ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالطَّمَعِ فِيهِمَا وَيُحَذَّرُ مِنْهُمَا أَكْثَرُ مِمَّا يُحَذَّرُ مِنَ الْحَيَّاتِ والعقارب فإن آفة حب الذهب والفضة والطمع فيهما أَضَرُّ مِنْ آفَةِ السُّمُومِ عَلَى الصِّبْيَانِ بَلْ على الأكابر أَيْضًا وَيَنْبَغِي أَنْ يُعَوَّدَ أَنْ لَا يَبْصُقَ في مجلسه ولا يمتخط وَلَا يَتَثَاءَبَ بِحَضْرَةِ غَيْرِهِ وَلَا يَسْتَدْبِرَ غَيْرَهُ وَلَا يَضَعَ رِجْلًا عَلَى رِجْلٍ وَلَا يَضَعَ كَفَّهُ تَحْتَ ذَقْنِهِ وَلَا يَعْمِدَ رَأْسَهُ بِسَاعِدِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ دَلِيلُ الْكَسَلِ وَيُعَلَّمُ كَيْفِيَّةَ الْجُلُوسِ وَيُمْنَعُ كَثْرَةَ الْكَلَامِ وَيُبَيَّنُ لَهُ أَنَّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى الْوَقَاحَةِ وَأَنَّهُ فِعْلُ أَبْنَاءِ اللِّئَامِ وَيُمْنَعُ الْيَمِينَ رَأْسًا صَادِقًا كَانَ أَوْ كَاذِبًا حتى لا يعتاد ذلك في الصغر ويمنع أن يبتديء بالكلام ويعود أن لا يتكلم إلا جواباً وبقدر السؤال وأن يحسن الِاسْتِمَاعِ مَهْمَا تَكَلَّمَ غَيْرُهُ مِمَّنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ سِنًّا وَأَنْ يَقُومَ لِمَنْ فَوْقَهُ وَيُوَسِّعَ لَهُ الْمَكَانَ وَيَجْلِسَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَيُمْنَعُ مِنْ لَغْوِ الْكَلَامِ وَفُحْشِهِ وَمِنَ اللَّعْنِ وَالسَّبِّ وَمِنْ مُخَالَطَةِ مَنْ يَجْرِي عَلَى لِسَانِهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّ ذَلِكَ يَسْرِي لَا مَحَالَةَ مِنْ القرناء السُّوءِ وَأَصْلُ تَأْدِيبِ الصِّبْيَانِ الْحِفْظُ مِنْ قُرَنَاءِ السوء وينبغي إذا ضربه المعلم أن لا يكثر الصراخ والشغب ولا يستشفع بأحد بل يصبر ويذكر له أن ذلك دأب الشجعان والرجال وأن كثرة الصراخ دأب المماليك والنسوان وَيَنْبَغِي أَنْ يُؤْذَنَ لَهُ بَعْدَ الِانْصِرَافِ مِنِ الْكُتَّابِ أَنْ يَلْعَبَ لَعِبًا جَمِيلًا يَسْتَرِيحُ إِلَيْهِ من تعب المكتب بحيث لا يتعب في اللعب فَإِنَّ مَنْعَ الصَّبِيِّ مِنَ اللَّعِبِ وَإِرْهَاقَهُ إِلَى التَّعَلُّمِ دَائِمًا يُمِيتُ قَلْبَهُ وَيُبْطِلُ ذَكَاءَهُ وَيُنَغِّصُ عَلَيْهِ الْعَيْشَ حَتَّى يَطْلُبَ الْحِيلَةَ فِي الْخَلَاصِ مِنْهُ رَأْسًا وَيَنْبَغِي أَنْ يُعَلَّمَ طَاعَةَ وَالِدَيْهِ ومعلمه ومؤدبه ومن هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ سِنًّا مِنْ قَرِيبٍ وَأَجْنَبِيٍّ وَأَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهِمْ بِعَيْنِ الْجَلَالَةِ وَالتَّعْظِيمِ وَأَنْ يَتْرُكَ اللَّعِبَ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَهْمَا بَلَغَ سِنَّ التمييز فينبغي

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 3  صفحه : 73
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست