نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 3 صفحه : 378
عنه إلا إذا كان معجباً برأيه وجهله فإنه لا يصغي إلى العارف ويتهمه فقد سلط الله عله بلية تهلكه وهو يظنها نعمة فكيف يمكن علاجه وكيف يطلب الهرب مما هو سبب سعادته في اعتقاده وإنما علاجه على الجملة أن يكون متهماً لرأيه أبداً لا يَغْتَرُّ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشْهَدَ لَهُ قَاطِعٌ مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ دَلِيلٍ عَقْلِيٍّ صحيح جامع لشروط الْأَدِلَّةِ وَلَنْ يَعْرِفَ الْإِنْسَانُ أَدِلَّةَ الشَّرْعِ وَالْعَقْلِ وَشُرُوطَهَا وَمَكَامِنَ الْغَلَطِ فِيهَا إِلَّا بِقَرِيحَةٍ تَامَّةٍ وَعَقْلٍ ثَاقِبٍ وَجِدٍّ وَتَشَمُّرٍ فِي الطَّلَبِ وَمُمَارَسَةٍ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَمُجَالَسَةٍ لِأَهْلِ الْعِلْمِ طُولَ الْعُمُرِ وَمُدَارَسَةٍ لِلْعُلُومِ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا يُؤْمَنُ عَلَيْهِ الْغَلَطُ فِي بَعْضِ الْأُمُورِ وَالصَّوَابُ لِمَنْ لَمْ يتفرع لِاسْتِغْرَاقِ عُمُرِهِ فِي الْعِلْمِ أَنْ لَا يَخُوضَ في المذاهب ولا يصغي إليها ولا يسمعها ولكن يعتقد أن الله تعالى واحد لا شريك له وأنه {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} وأن رسوله صادق فيما أخبر به ويتبع سنة السلف ويؤمن بجملة ما جاء به الكتاب والسنة من غير بحث وتنقير وسؤال عن تفصيل بل يقول آمناً وصدقنا ويشتغل بِالتَّقْوَى وَاجْتِنَابِ الْمَعَاصِي وَأَدَاءِ الطَّاعَاتِ وَالشَّفَقَةِ عَلَى المسلمين وسائر الأعمال فإن خاض في المذاهب والبدع والتعصب في العقائد هلك من حيث لا يشعر
هذا حق كل من عزم على أن يشتغل في عمره بشيء غير العلم فأما الذي عزم على التجرد للعلم فأول مهم له معرفة الدليل وشروطه وذلك مما يطول الأمر فيه والوصول إلى اليقين والمعرفة في أكبر المطالب شديد لا يقدر عليه إلا الأقوياء المؤيدون بنور الله تعالى وهو عزيز الوجود جداً فنسأل الله تَعَالَى الْعِصْمَةَ مِنَ الضَّلَالِ وَنَعُوذُ بِهِ مِنَ الاغترار بخيالات الجهال
تم كتاب ذم الكبر والعجب والحمد لله وحده وحسبنا الله ونعم الوكيل ولا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ وصلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم كتاب ذم الغرور وهو الكتاب العاشر من ربع المهلكات من كتاب إحياء
علوم الدين بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي بيده مقاليد الأمور وبقدرته مفاتيح الخيرات والشرور مخرج أوليائه من الظلمات إلى النور ومورد أعدائه ورطات الغرور والصلاة على محمد مخرج الخلائق من الديجور وعلى آله وأصحابه الذين لم تغرهم الحياة الدنيا ولم يغرهم بالله الغرور صلاة تتوالى على ممر الدهور ومكر الساعات والشهور
أما بعد فمفتاح السَّعَادَةِ التَّيَقُّظُ وَالْفِطْنَةُ وَمَنْبَعَ الشَّقَاوَةِ الْغُرُورُ وَالْغَفْلَةُ فلا نعمة لله على عباده أعظم من الإيمان والمعرفة ولا وسيلة إليه سوى انشراح الصدر بنور البصيرة ولا نقمة أعظم من الكفر والمعصية ولا داعي إليهما سوى عمى القلب بظلمة الجهالة
فالأكياس وأرباب البصائر قلوبهم كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غريبة يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور والمغترون قلوبهم {كظلمات في بحر لجى يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور} فالأكياس هم الذين أراد الله أن يهديهم فشرح صدورهم للإسلام والهدى والمغترون هم الذين أراد الله أن يضلهم فجعل صدرهم ضيقاً حرجاً كأنما يصعد في السماء
وَالْمَغْرُورُ هُوَ الَّذِي لَمْ تَنْفَتِحْ بَصِيرَتُهُ لِيَكُونَ بِهِدَايَةِ نَفْسِهِ كَفِيلًا وَبَقِيَ فِي الْعَمَى فَاتَّخَذَ الهوى قائداً والشيطان
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 3 صفحه : 378