نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 3 صفحه : 376
وَالتَّوَاضُعِ وَإِلَّا كَانَ طَاعِنًا فِي نَسَبِ نَفْسِهِ بِلِسَانِ حَالِهِ مَهْمَا انْتَمَى إِلَيْهِمْ وَلَمْ يُشْبِهْهُمْ في التواضع والتقوى والخوف والإشفاق
فإن قلت فقد قال صلى الله عليه وسلم بعد قوله لفاطمة وصفية إني لا أغني عنكما من الله شيئاً إلا أن لكم رحما سأبلها ببلالها [1] حديث أترجو سليم شفاعتي ولا ترجوها بنو عبد المطلب أخرجه الطبراني في الأوسط من حديث عبد الله بن جعفر وفيه أصيرم بن حوشب عن إسحاق بن واصل وكلاهما ضعيف جدا
فذلك يدل على أنه سيخصص قرابته بالشفاعة فاعلم أن كل مسلم فهو منتظر شفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم والنسيب أيضاً جدير بأن يرجوها لكن بشرط أن يتقي الله أن يغضب عليه فإنه إن يغضب عليه فلا يأذن لأحد في شفاعته لأن الذنوب منقسمة إلى ما يوجب المقت فلا يؤذن في الشفاعة له وإلى ما يعفى عنه بسبب الشفاعة كالذنوب عند ملوك الدنيا فإن كل ذي مكانة عند الملك لا يقدر على الشفاعة فيما اشتد عليه غضب الملك فمن الذنوب ما لا تنجي منه الشفاعة وعنه العبارة بقوله تعالى {ولا يشفعون إلا لمن ارتضى} وبقوله {من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه} وبقوله {ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له} وبقوله {فما تنفعهم شفاعة الشافعين} وإذا انقسمت الذنوب إلا ما يشفع فيه وإلا ما لا يشفع فيه وجب الخوف والإشفاق لا محالة ولو كان ذنب تقبل فيه الشفاعة لما أمر قريشاً بالطاعة ولما نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاطمة رضي الله عنها عن المعصية ولكان يأذن لها في اتباع الشهوات لتكمل لذاتها في الدنيا ثم يشفع لها في الآخرة لتكمل لذاتها في الآخرة
فالانهماك في الذنوب وترك التقوى اتكالاً على رجاء الشفاعة يضاهي انهماك المريض في شهواته اعتماداً على طبيب حاذق قريب مشفق من أب أو أخ أو غيره وذلك جهل لأن سعي الطبيب وهمته وحذقه تنفع في إزالة بعض الأمراض لا في كلها فلا يجوز ترك الحمية مطلقاً اعتماداً على مجرد الطب بل للطبيب أثر على الجملة ولكن في الأمراض الخفيفة وعند غلبة اعتدال المزاج
فهكذا ينبغي أن تفهم عناية الشفعاء من الأنبياء والصلحاء للأقارب والأجانب فإنه كذلك قطعاً وذلك لا يزيل الخوف والحذر وكيف يزيل وخير الخلق بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أصحابه وقد كانوا يتمنون أن يكونوا بهائم من خوف الآخرة مع كمال تقواهم وحسن أعمالهم وصفاء قلوبهم وما سمعوه من وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إياهم بالجنة خاصة وسائر المسلمين بالشفاعة عامة ولم يتكلوا عليه ولم يفارق الخوف والخشوع قلوبهم فكيف يعجب بنفسه ويتكل على الشفاعة من ليس له مثل صحبتهم وسابقتهم
الخامس العجب بنسب السلاطين الظلمة وأعوانهم دون نسب الدين والعلم
وَهَذَا غَايَةُ الْجَهْلِ وَعِلَاجُهُ أَنْ يَتَفَكَّرَ فِي مخازيهم وما جرى لهم من الظلم على عباد الله والفساد في دين الله وأنهم الممقوتون عند الله تعالى ولو نظر إلى صورهم في النار وأنتانهم وأقذارهم لاستنكف منهم ولتبرأ من الانتساب إليهم ولأنكر على من نسبه إليهم استقذاراً واستحقار لهم ولو انكشف له ذلهم في القيامة وقد تعلق الخصماء بهم والملائكة آخذون بنواصيهم يجرونهم على وجوههم إلى جهنم في مظالم العباد لتبرأ إلى الله منهم ولكان انتسابه إلى الكلب والخنزير أحب إليه من الانتساب إليهم فحق أولاد الظلمة إن عصمهم الله من ظلمهم أن يشكروا الله تعال على سلامة دينهم ويستغفروا لآبائهم إن كانوا مسلمين فأما العجب فجهل محض [1] حديث قوله بعد قوله المتقدم لفاطمة وصفية ألا إن لكما رحما سأبلها ببلالها أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة بلفظ غير أن لكم رحماً سأبلها ببلاها
وقد صلى الله عليه وسلم أترجو سليم شفاعتي ولا يرجوها بنو عبد المطلب
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 3 صفحه : 376