نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 3 صفحه : 369
أمره
فإذن سبيله في اكتساب التواضع أن يتواضع للأقران ولمن دونهم حتى يخف عليه التواضع المحمود في محاسن العادات ليزول به الكبر عنه فإن خف عليه ذلك فقد حصل له خلق التواضع وإن كان يثقل عليه وهو يفعل ذلك فهو متكلف لا متواضع بل الخلق ما يصدر عنه الفعل بسهولة من غير ثقل ومن غير روية فإن خف ذلك وصار بحيث يثقل عليه رعاية قدره حتى أحب التملق والتخاسس فقد خرج إلى طرف النقصان فليرفع نفسه إذ ليس للمؤمن أن تذل نفسه إلى أن يعود إلى الوسط الذي هو الصراط المستقيم وذلك غامض في هذا الخلق وفي سائر الأخلاق
والميل عن الوسط إلى طرف النقصان وهو التملق أهون من الميل إلى طرف الزيادة بالتكبر كما أن الميل إلى طرف التبذير في المال أحمد عند الناس من الميل إلى طرف البخل فنهاية التبذير ونهاية البخل مذمومان وأحدهما أفحش وكذلك نهاية التكبر ونهاية التنقص والتذلل مذمومان وأحدهما أقبح من الآخر
والمحمود المطلق هو العدل ووضع الأمور مواضعها كما يجب وعلى ما يجب كما يعرف ذلك بالشرع والعادة ولنقتصر على هذا القدر من بيان أخلاق الكبر والتواضع
الشطر الثاني من الكتاب في العجب وفيه
بيان ذم العجب وآفاته
وبيان حقيقة العجب والإدلال وحدهما وبيان علاج العجب على الجملة وبيان أقسام ما به العجب وتفصيل علاجه بَيَانُ ذَمِّ الْعُجْبِ وَآفَاتِهِ
اعْلَمْ أَنَّ الْعُجْبَ مَذْمُومٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عنكم شيئاً} ذُكِرَ ذَلِكَ فِي مَعْرِضِ الْإِنْكَارِ وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا} فَرَدَّ عَلَى الْكُفَّارِ فِي إِعْجَابِهِمْ بِحُصُونِهِمْ وَشَوْكَتِهِمْ وَقَالَ تَعَالَى {وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} وَهَذَا أَيْضًا يَرْجِعُ إِلَى الْعُجْبِ بِالْعَمَلِ
وَقَدْ يعجب الإنسان بالعمل هُوَ مُخْطِئٌ فِيهِ كَمَا يُعْجَبُ بِعَمَلٍ هُوَ مُصِيبٌ فِيهِ
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثٌ مُهْلِكَاتٌ شُحٌّ مُطَاعٌ وَهَوًى مُتَّبَعٌ وَإِعْجَابُ المرء بنفسه [1] حديث أبي ثعلبة إذا رأيت شحاً مطاعاً وهوى متبعاً وإعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك نفسك أخرجه أبو داود والترمذي وحسنه وابن ماجه وقد تقدم
وقال ابن مسعود الهالك فِي اثْنَتَيْنِ الْقُنُوطِ وَالْعُجْبِ
وَإِنَّمَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ السَّعَادَةَ لَا تُنَالُ إِلَّا بِالسَّعْيِ وَالطَّلَبِ وَالْجِدِّ وَالتَّشَمُّرِ وَالْقَانِطُ لَا يَسْعَى وَلَا يَطْلُبُ وَالْمُعْجَبُ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ قَدْ سَعِدَ وَقَدْ ظَفِرَ بمراده فلا يسعى
فالموجود لا يطلب والمحال لا يطلب والسعادة موجودة في اعتقاد المعجب حاصلة له ومستحيلة في اعتقاد القانط فمن ههنا جمع بينهما
وقد قال تعالى {فلا تزكوا أنفسكم} قال ابن جريج معناه إذا عملت خيراً فلا تقل عملت
وقال زيد بن أسلم
لا تبروها أي لا تعتقدوا أنها بارة وهو معنى العجب
ووقى طلحة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد بنفسه فأكب عليه حتى أصيبت كفه فكأنه أعجبه فعله العظيم إذ فداه بروحه حتى جرح فتفرس ذلك عمر فيه فقال
مازال يعرف في طلحة فأو منذ أصيبت إصبعه مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ // حديث وقى طلحة رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه وأكب عليه حتى أصيبت كفه أخرجه البخاري من وراية قيس بن أبي حازم قال رأيت يد طلحة شلاء وقى بها النبي صلى الله عليه وسلم
والنأو هو العجب في اللغة إلا أنه لم ينقل فيه أنه أظهره واحتقر مسلماً ولما كان وقت الشورى قال له ابن عباس أين أنت من طلحة قال ذلك رجل فيه تحوة
فإذا كان لا يتخلص من العجب أمثالهم فكيف يتخلص من الضعفاء إن [1] حديث ثلاث مهلكات الحديث تقدم غير مرة
وقال لأبي ثعلبة حيث ذكر آخر هذه الأمة فقال إذا رأيت شحاً مطاعاً وهوى متبعاً وإعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك نفسك
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 3 صفحه : 369