نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 3 صفحه : 354
وبينه معرفة ولا محاسدة ولا حقد ولكن يمتنع من قبول الحق منه ولا يتواضع له في الاستفادة خيفة من أن يقول الناس إنه أفضل منه فيكون باعثه على التكبر عليه الرياء المجرد ولو خلا معه بنفسه لكان لا يتكبر عليه
وأما الذي يتكبر بالعجب أو الحسد أو الحقد فإنه يتكبر أيضاً عند الخلوة به مهما لم يكن معهما ثالث وكذلك قد ينتمي إلى نسب شريف كاذباً وهو يعلم أنه كاذب ثم يتكبر به على من ليس ينتسب إلى ذلك النسب ويترفع عليه في المجالس ويتقدم عليه في الطريق ولا يرضى بمساواته في الكرامة والتوقير وهو عالم باطناً بأنه لا يستحق ذلك ولا كبر في باطنه لمعرفته بأنه كاذب في دعوى النسب ولكن يحمله الرياء على أفعال المتكبرين وكأن اسم المتكبر إنما يطلق في الأكثر على من يفعل هذه الأفعال عن كبر في الباطن صادر عن العجب والنظر إلى الغير بعين الاحتقار وهو إن سمي متكبراً فلأجل التشبه بأفعال الكبر
نسأل الله حسن التوفيق والله تعالى أعلم
بَيَانُ أَخْلَاقِ الْمُتَوَاضِعِينَ وَمَجَامِعِ مَا يَظْهَرُ فِيهِ أَثَرُ التَّوَاضُعِ وَالتَّكَبُّرِ
اعْلَمْ أَنَّ التَّكَبُّرَ يَظْهَرُ فِي شَمَائِلِ الرَّجُلِ كَصَعَرٍ فِي وَجْهِهِ وَنَظَرِهِ شَزْرًا وَإِطْرَاقِهِ رَأْسَهُ وَجُلُوسِهِ مُتَرَبِّعًا أَوْ مُتَّكِئًا وَفِي أَقْوَالِهِ حَتَّى فِي صَوْتِهِ وَنَغَمَتِهِ وَصِيغَتِهِ فِي الْإِيرَادِ وَيَظْهَرُ فِي مِشْيَتِهِ وَتَبَخْتُرِهِ وَقِيَامِهِ وجلوسه وحركاته وسكناته وفي تعاطيه لأفعاله وفي سائر تقلباته في أحواله وأقواله وأعماله
فَمِنَ الْمُتَكَبِّرِينَ مَنْ يَجْمَعُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَكَبَّرُ فِي بَعْضٍ وَيَتَوَاضَعُ فِي بَعْضٍ
فَمِنْهَا التَّكَبُّرُ بِأَنْ يُحِبَّ قِيَامَ النَّاسِ لَهُ أو بين يديه
وقد قال علي كرم الله وجهه من أراد أن ينظر إلى رجل من أهل النار فلينظر إلى رجل قاعد وبين يديه قوم قيام
وقال أنس لم يكن شخص أحب إليهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا إذا رأوه لم يقوموا له لما يعلمون من كراهته لذلك [1] حديث كان في بعض الأوقات يمشي مع أصحاب فيأمرهم بالتقدم أخرجه منصور الديلمي في مسند الفردوس من حديث أبي أمامة بسند ضعيف جدا أنه خرج يمشي إلى البقيع فتبعه أصحابه فوقف فأمرهم أن يتقدموا ومشى خلفهم فسئل عن ذلك فقال إني سمعت خفق نعالكم فأشفقت أن يقع في نفسي شيء من الكبر وهو منكر فيه جماعة ضعفاء
إما لتعليم غيره أو لينفي عن نفسه وساوس الشيطان بالكبر والعجب كما أخرج الثوب الجديد في الصلاة وأبدله بالخليع لأحد هذين المعنيين // حديث إخراجه الثوب الجديد في الصلاة وإبداله بالخليع قلت المعروف نزع الشراك الجديد ورد الشراك الخلق أو نزع الخميصة وليس الأنبجانية وكلاهما تقدم في الصلاة
وَمِنْهَا أَنْ لَا يَزُورَ غَيْرَهُ وَإِنْ كَانَ يَحْصُلُ مِنْ زِيَارَتِهِ خَيْرٌ لِغَيْرِهِ فِي الدِّينِ وهو ضد التواضع
روي أن سفيان الثوري قدم الرملة فبعث إليه إبراهيم بن أدهم أن تعال فحدثنا فجاء سفيان فقيل له يا أبا إسحاق تبعث إليه بمثل هذا فقال أردت أن أنظر كيف تواضعه
وَمِنْهَا أَنْ يَسْتَنْكِفَ مِنْ جُلُوسِ غَيْرِهِ بِالْقُرْبِ مِنْهُ إِلَّا أَنْ يَجْلِسَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَالتَّوَاضُعُ خلافه
قال ابن وهب جلست إلى عبد العزيز بن أبي رواد فمس فخذي فخذه فنحيت نفسي عنه فأخذ ثيابي فجرني إلى نفسه وقال لي لم تفعلون بي [1] حديث أنس لم يكن شخص أحب إليهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا إذا رأوه لم يقوموا له الحديث تقدم في آداب الصحبة وفي أخلاق النبوة
وَمِنْهَا أَنْ لَا يَمْشِيَ إِلَّا وَمَعَهُ غَيْرُهُ يمشي خلفه
قال أبو الدرداء لا يزال العبد يزداد من الله بعداً ما مشى خلفه وكان عبد الرحمن بن عوف لا يعرف من عبيده إذ كان لا يتميز عنهم في صورة ظاهرة
ومشى قوم خلف الحسن البصري فمنعهم وقال ما يبقى هذا من قلب العبد وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض الأوقات يمشي مع بعض الأصحاب فيأمرهم بالتقدم ويمشي في غمارهم
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 3 صفحه : 354