نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 3 صفحه : 347
الوجه الثاني الذي تعظم به رذيلة الكبر أنه يدعو إلى مخالفة الله تعالى في أوامره لأن المتكبر إذا سمع الحق من عبد من عبادالله استنكف عن قبوله وتشمر لجحده ولذلك ترى المناظرين في مسائل الدين يزعمون أنهم يتباحثون عن أسرار الدين ثم إنهم يتجاحدون تجاحد المتكبرين ومهما اتضح الحق على لسان واحد منهم أنف الآخر من قبوله وتشمر لجحده واحتال لدفعه بما يقدر عليه من التلبيس وَذَلِكَ مِنْ أَخْلَاقِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِذْ وَصَفَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فَقَالَ {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} فكل من يُنَاظِرُ لِلْغَلَبَةِ وَالْإِفْحَامِ لَا لِيَغْتَنِمَ الْحَقَّ إِذَا ظَفِرَ بِهِ فَقَدْ شَارَكَهُمْ فِي هَذَا الْخُلُقِ وكذلك يحمل ذلك على الأنفة من قَبُولِ الْوَعْظِ كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَإِذَا قِيلَ له اتق الله أخذته العزة بالإثم} وروي عن عمر رضي الله عنه أنه قرأها فقال {إنا لله وإنا إليه راجعون} قام رجل يأمر بالمعروف فقتل فقام آخر فقال يقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فقتل المتكبر الذي خالفه والذي أمره كبراً
وقال ابن مسعود كفى بالرجل إثماً إذا قيل له اتق الله قال عليك نفسك وقال صلى الله عليه وسلم لرجل كل بيمينك قال لا أستطيع فقال النبي صلى الله عليه وسلم ل أستطيع فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا فما منعه إلا كبره قال
فما رفعها بعد ذلك [1] حديث قول ثابت بن قيس بن شماس إني امرؤ قد حبب إلي من الجمال ما ترى الحديث وفيه الكبر من بطر الحق وغمص الناس أخرجه مسلم والترمذي وقد تقدم قبله بحديثين
وفي حديث آخر من سفه الحق [2] حديث آفة العلم الخيلاء قلت هكذا ذكره المصنف والمعروف آفة العلم النسيان وآفة الجمال الخيلاء هكذا رواه القضاعي في مسند الشهاب من حديث علي بسند ضعيف
وروى عنه أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس آفة الجمال الخيلاء وفيه الحسن بن الحميد الكوفي لا يدري من هو حدث عن أبيه بحديث موضوع قاله صاحب الميزان
فلا يلبث [1] حديث قال لرجل كل بيمينك قال لا أستطيع قال لا استطعت الحديث أخرجه مسلم من حديث سلمة بن الأكوع
أي اعتلت يده
فإذن تكبره على الخلق عظيم لأنه سيدعوه إلى التكبر على أمر الله وإنما ضرب إبليس مثلاً لهذا وما حكاه من أحواله إلا ليعتبر به فإنه قال أنا خير منه وهذا الكبر بالنسب لأنه قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين فحمله ذلك على أن يمتنع من السجود الذي أمره الله تعالى به وكان مبدؤه الكبر على آدم والحسد له فجره ذلك إلى التكبر على أمر الله تعالى فكان ذلك سبب هلاكه أبد الآباد فهذه آفة من آفات الكبر على العباد عظيمة وَلِذَلِكَ شَرَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم الكبر بهاتين الآفتين إذ سأله ثابت بن قيس بن شماس فقال يا رسول الله إني امرؤ قد حبب إلي من الجمال ما ترى أفمن الكبر هو فقال صلى الله عليه وسلم لا ولكن الكبر من بطر الحق وغمص الناس [2] حديث الكبر من سفه الحق وغمص الناس تقدم معه
وقوله وغمص الناس أي ازدراهم واستحقرهم وَهُمْ عِبَادُ اللَّهِ أَمْثَالُهُ أَوْ خَيْرٌ مِنْهُ
وهذه الآفة الأولى وسفه الْحَقِّ هُوَ رَدُّهُ وَهِيَ الْآفَةُ الثَّانِيَةُ فَكُلُّ مَنْ رَأَى أَنَّهُ خَيْرٌ مِنْ أَخِيهِ وَاحْتَقَرَ أَخَاهُ وَازْدَرَاهُ وَنَظَرَ إِلَيْهِ بِعَيْنِ الِاسْتِصْغَارِ أَوْ رد الحق وهو يعرفه فقد تكبر فيما بينه وبين الخلق ومن أنف من أن يخضع لله تعالى ويتواضع لله بطاعته واتباع رسله فقد تكبر فيما بينه وبين الله تعالى ورسله
بَيَانُ مَا بِهِ التَّكَبُّرُ
اعْلَمْ أَنَّهُ لَا يتكبر إلا متى اسْتَعْظَمَ نَفْسَهُ وَلَا يَسْتَعْظِمُهَا إِلَّا وَهُوَ يَعْتَقِدُ لَهَا صِفَةً مِنْ صِفَاتِ الْكَمَالِ
وَجِمَاعُ ذَلِكَ يَرْجِعُ إِلَى كَمَالٍ دِينِيٍّ أَوْ دُنْيَوِيٍّ فَالدِّينِيُّ هُوَ الْعِلْمُ وَالْعَمَلُ وَالدُّنْيَوِيُّ هُوَ النَّسَبُ وَالْجَمَالُ وَالْقُوَّةُ وَالْمَالُ وَكَثْرَةُ الْأَنْصَارِ
فَهَذِهِ سَبْعَةُ أَسْبَابٍ
الأول العلم وما أسرع الكبر إلى العلماء ولذلك قال صلى الله عليه وسلم آفة العلم الخيلاء
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 3 صفحه : 347