نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 3 صفحه : 345
ذَمِيمٍ إِلَّا وَصَاحِبُ الْعِزِّ وَالْكِبْرِ مُضْطَرٌّ إِلَيْهِ ليحفظ عِزَّهُ وَمَا مِنْ خُلُقٍ مَحْمُودٍ إِلَّا وَهُوَ عَاجِزٌ عَنْهُ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَفُوتَهُ عِزُّهُ فَمِنْ هَذَا لَمْ يُدْخِلِ الْجَنَّةَ مَنْ فِي قلبه مثقال حبة منه
والأخلاق الذميمة متلازمة والبعض منها داع إلى البعض لا محالة
وَشَرُّ أَنْوَاعِ الْكِبْرِ مَا يَمْنَعُ مِنَ اسْتِفَادَةِ الْعِلْمِ وَقَبُولِ الْحَقِّ وَالِانْقِيَادِ لَهُ وَفِيهِ وَرَدَتِ الآيات التي فيها ذم الكبر والمتكبرين قال الله تعالى والملائكة باسطو أيديهم إلى قوله وكنتم عن آياته تستكبرون {ثم قال} ادخلوا أبواب جنهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين ثم أخبر أن أشد أهل النار عذاباً أشدهم عتياً على الله تعالى فقال ثم لننزعن من كل شيعة أيهم أشد على الرحمن عتياً وقال تعالى فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة وهم مستكبرون وقال عز وجل يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين وقال تعالى إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخرين وقال تَعَالَى سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأرض بغير الحق قيل في التفسير سأرفع فهم القرآن عن قلوبهم وفي بعض التفاسير سأحجب قلوبهم عن الملكوت
وقال ابن جريج سأصرفهم عن أن يتفكروا فيها ويعتبروا بها
ولذلك قال المسيح عليه السلام إن الزرع ينبت في السهل ولا ينبت على الصفا كذلك الحكمة تعمل في قلب المتواضع ولا تعمل في قلب المتكبر ألا ترون أن من شمخ برأسه إلى السقف شجه ومن طأطأ أظله وأكنه
فهذا مثل ضربه للمتكبرين وأنهم كيف يحرمون الحكمة ولذلك ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم جحود الحق في حد الكبر والكشف عن حقيقته وقال من سفه الحق وغمص الناس // حديث الكبر من سفه الحق وغمص الناس أخرجه من حديث ابن مسعود في أثناء حديث وقال بطر الحق وغمط الناس ورواه الترمذي فقال من بطر الحق وغمص الناس وقال حسن صحيح ورواه أحمد من حديث عقبة عامر بلفظ المصنف ورواه البيهقي في الشعب من حديث أبي ريحانة هكذا
بيان المتكبر عليه ودرجاته وأقسامه وثمرات الكبر فيه
اعلم أن المتكبر عليه هو الله تعالى أو رسله أو سائر خلقه وقد خلق الإنسان ظلوماً جهولاً فتارة يتكبر على الخلق وتارة يتكبر على الخالق فإذن التكبر باعتبار المتكبر عليه ثلاثة أقسام
الأول التكبر على الله وذلك هو أفحش أنواع الكبر ولا مثار له إلا الجهل المحض والطغيان مثل ما كان من نمروذ فإنه كان يحدث نفسه بأن يقاتل رب السماء وكما يحكى عن جماعة من الجهلة
بل ما يحكى عن كل من ادعى الربوبية مثل فرعون وغيره فإنه لتكبره قال أنا ربكم الأعلى إذ استنكف أن يكون عبداً لله ولذلك قال تعالى إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخرين وقال تعالى لن يستنكف المسيح أن يكون عبداً لله ولا الملائكة المقربون الآية وقال تعالى وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا وزادهم نفوراً
القسم الثاني التكبر على الرسل من حيث تعزز النفس وترفعها على الانقياد لبشر مثل سائر الناس وذلك تارة يصرف عن الفكر والاستبصار فيبقى في ظلمة الجهل بكبره فيمتنع عن الانقياد وهو ظان أنه محق فيه وتارة يمتنع مع المعرفة ولكن لا تطاوعه نفسه للإنقياد للحق والتواضع للرسل كما حكى الله قولهم أنؤمن لبشرين مثلنا {وقولهم} إن أنتم إلا بشر مثلنا ولئن أطعتم بشراً مثلكم إنكم إذا لخاسرون وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتوا كبيراً وقالوا لولا أنزل عليه ملك
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 3 صفحه : 345