responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 3  صفحه : 265
تخرجون الحكم من أفواهكم ويبقى الغل في صدوركم يا عبيد الدنيا كيف يدرك الآخرة من لا تنقضي من الدنيا شهوته ولا تنقطع منها رغبته بحق أقول لكم إن قلوبكم تبكي من أعمالكم جعلتم الدنيا تحت ألسنتكم والعمل تحت أقدامكم بحق أقول لكم أفسدتم آخرتكم فصلاح الدنيا أحب إليكم من صلاح الآخرة فأي الناس أخسر منكم لو تعلمون ويلكم حتام تصفون الطريق للمدلجين وتقيمون في محل المتحيرين كأنكم تدعون أهل الدنيا ليتركوها لكم مهلاً مهلاً ويلكم ماذا يغني عن البيت المظلم أن يوضع السراج فوق ظهره وجوفه وحش مظلم كذلك لا يغني عنكم أن يكون نور العلم بأفواهكم وأجوافكم منه وحشة متعطلة يا عبيد الدنيا لا كعبيد أتقياء ولا كأحرار كرام توشك الدنيا أن تقلعكم عن أصولكم فتلقيكم على وجوهكم ثم تكبكم على مناخركم ثم تأخذ خطاياكم بنواصيكم ثم تدفعكم من خلفكم حتى تسلمكم إلى الملك الديان عراة فرادى فيوقفكم على سوآتكم ثم يجزيكم بسوء أعمالكم
ثم قال الحارث رحمه الله إخواني فهؤلاء علماء السوء شياطين الإنس وفتنه على الناس رغبوا في عرض الدنيا ورفعتها وآثروها على الآخرة واولوا الدين للدنيا فهم في العاجل عار وشين وفي الآخرة هم الخاسرون أو يعفو الكريم بفضله
وبعد فإني رأيت الهالك المؤثر للدنيا سروره ممزوج بالتنغيص فيتفجر عنه أنواع الهموم وفنون المعاصي وإلى البوار والتلف مصيره فرح الهالك برجائه فلم تبق له دنياه ولم يسلم له دينه {خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين} فيا لها من مصيبة ما أفظعها ورزية ما أجلها ألا فراقبوا الله إخواني ولا يغرنكم الشيطان وأولياؤه من الآنسين بالحجج الداحضة عند الله فإنهم يتكالبون على الدنيا ثم يطلبون لأنفسهم المعاذير والحجج ويزعمون أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم كانت لهم أموال فيتزين المغرورون بذكر الصحابة ليعذرهم الناس على جمع المال ولقد دهاهم الشيطان وما يشعرون
ويحك أيها المفتون إن احتجاجك بمال عبد الرحمن بن عوف مكيدة من الشيطان ينطق بها على لسانك فتهلك لأنك متى زعمت أن أخيار الصحابة أرادوا المال للتكاثر والشرف والزينة فقد اغتبت السادة ونسبتهم إلى أمر عظيم ومتى زعمت أن جمع المال الحلال أعلى وأفضل من تركه فقد ازدريت محمداً والمرسلين ونسبتهم إلى قلة الرغبة والزهد في هذا الخير الذي رغبت فيه أنت وأصحابك من جمع المال ونسبتهم إلى الجهل إذ لم يجمعوا المال كما جمعت ومتى زعمت أن جمع المال الحلال أعلى من تركه فقد زعمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينصح للأمة إذ نهاهم عن جمع المال // حديث النهي عن جمع المال أخرجه ابن عدي من حديث ابن مسعود ما أوحى الله إلي أن أجمع المال وأكون من الفاجرين الحديث ولأبي نعيم والخطيب في التاريخ والبيهقي في الزهد من حديث الحارث بن سويد في أثناء الحديث لا تجمعوا ما لا تأكلون وكلاهما ضعيف
وقد علم أن جمع المال خير للأمة فقد غشهم بزعمك حين نهاهم عن جمع المال كذبت ورب السماء عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلقد كان للأمة ناصحاً وعليهم مشفقاً وبهم رءوفا
ومتى زعمت أن جمع المال أفضل فقد زعمت إن الله عز وجل لم ينظر لعباده حين نهاهم عن جمع المال وقد علم أن جمع المال خير لهم أو زعمت أن الله تعالى لم يعلم أن الفضل في الجمع فلذلك نهاهم عنه وأنت عليم بما في المال من الخير والفضل لذلك رغبت في الاستكثار كأنك أعلم بموضع الخير والفضل من ربك تعالى الله عن جهلك أيها المفتون تدبر بعقلك ما دهاك به الشيطان حين زين لك الاحتجاج بمال الصحابة ويحك ما ينفعك الاحتجاج بمال عبد الرحمن بن عوف وقد ود عبد الرحمن بن عوف في القيامة أنه لم يؤت من الدنيا إلا قوتاً

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 3  صفحه : 265
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست