نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 3 صفحه : 160
أَخَاهُ فَلْيَقُلْ أَحْسَبُ فُلَانًا وَلَا أُزَكِّي عَلَى الله أحد حسيبه الله إن كان يرى أنه كذلك [1] وهذه الآفة تتطرق إلى المدح بالأوصاف المطلقة التي تعرف بالأدلة كقولة إنه متق وورع وزاهد وخير وما يجري مجراه فأما إذا قال رأيته يصلي بالليل ويتصدق ويحج فهذه أمور مستيقنة ومن ذلك قوله إنه عدل رضا فإن ذلك خفي فلا ينبغي أن يجزم القول فيه إِلَّا بَعْدَ خِبْرَةٍ بَاطِنَةٍ سَمِعَ عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَجُلًا يُثْنِي عَلَى رَجُلٍ فَقَالَ أَسَافَرْتَ مَعَهُ قَالَ لَا قَالَ أَخَالَطْتَهُ فِي الْمُبَايَعَةِ وَالْمُعَامَلَةِ قَالَ لَا قَالَ فَأَنْتَ جَارُهُ صَبَاحَهُ وَمَسَاءَهُ قَالَ لَا فَقَالَ وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَا أُرَاكَ تَعْرِفُهُ
الرابعة أَنَّهُ قَدْ يَفْرَحُ الْمَمْدُوحُ وَهُوَ ظَالِمٌ أَوْ فاسق وذلك غير جائز قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إن الله تعالى يغضب إذا مدح الفاسق [2] وقال الحسن مَنْ دَعَا لِظَالِمٍ بِطُولِ الْبَقَاءِ فَقَدْ أحب أن يعصي الله تعالى في أرضه والظالم الفاسق ينبغي أن يذم ليغتم ولا يمدح ليفرح
وَأَمَّا الْمَمْدُوحُ فَيَضُرُّهُ مِنْ وَجْهَيْنِ
أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يحدث فيه كبراً وإعجاباً وهما مهلكان
قال الحسن رضي الله عنه كان عمر رضي الله عنه جالساً ومعه الدرة والناس حوله إذ أقبل الجارود بن المنذر فقال رجل هذا سيد ربيعة فسمعها عمر ومن حوله وسمعها الجارود فلما دنا منه خفقه بالدرة فقال مالي ولك يا أمير المؤمنين قال مالي ولك أما سمعتها قال سمعتها فمه قال خشيت أن يخالط قلبك منها شيء فأحببت أن أطأطيء منك
الثاني هو أنه إذا أثنى عليه بالخير فرح به وفتر ورضي عن نفسه ومن أعجب بنفسه قل تشمره وإنما يتشمر للعمل من يرى نفسه مقصراً فأما إذا انطلقت الألسن بالثناء عليه ظن أنه قد أدرك ولهذا قال عليه السلام قطعت عنق صاحبك لو سمعها ما أفلح وقال صلى الله عليه وسلم إذا مدحت أخاك في وجهه فكأنما أمررت على حلقه موسى وميضاً (3)
وقال أيضاً لمن مدح رجلاً عقرت الرجل عقرك الله [4] وقال مطرف ما سمعت قط ثناء ولا مدحة إلا تصاغرت إلى نفسي وقال زياد بن أبي مسلم ليس أحد يسمع ثناء عليه أو مدحة إلا تراءى له الشيطان ولكن المؤمن يراجع فقال ابن المبارك لقد صدق كلاهما أما ما ذكره زياد فذلك قلب العوام وأما ما ذكره مطرف فذلك قلب الخواص وقال صلى الله عليه وسلم لو مشى رجل إلى رجل بسكين مرهف كان خيراً له من أن يثني عليه في وجهه [5] حديث لو وزن إيمان أبي بكر بإيمان العالمين لرجح تقدم في العلم وقال في عمر لو لم أبعث لبعثت [1] حديث أن رجلاً مدح رجلاً عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال ويحك قطعت عنق صاحبك متفق عليه من حديث أبي بكرة بنحوه وهو في الصمت لابن أبي الدنيا بلفظ المصنف [2] حديث إن الله يغضب إذا مدح الفاسق أخرجه ابن أبي الدنيا في الصمت والبيهقي في الشعب من حديث أنس وفيه أبو خلف خادم أنس ضعيف ورواه أبو يعلى الموصلي وابن عدي بلفظ إذا مدح الفاسق غضب الرب واهتز العرش قال الذهبي في الميزان منكر وقد تقدم في آداب الكسب
(3) حديث إذا مدحت أخاك في وجهه فكأنما أمررت على حلقه موسى وميضا أخرجه ابن المبارك في الزهد والرقائق من رواية يحيى بن جابر مرسلا [4] حديث عقرت الرجل عقرك الله قاله لمن مدح رجلا لم أجد له أصلا [5] حديث لو مشى رجل إلى رجل بسكين مرهف كان خيراً له من أن يثني عليه في وجهه لم أجده أيضا وقال عمر رضي الله عنه المدح هو الذبح وذلك لأن المذبوح هو الذي يفتر عن العمل والمدح يوجب الفتور أو لأن المدح يورث العجب والكبر وهما مهلكان كالذبح لذلك شبهه به فَإِنْ سَلِمَ الْمَدْحُ مِنْ هَذِهِ الْآفَاتِ فِي حَقِّ الْمَادِحِ وَالْمَمْدُوحِ لَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ بل ربما كان مندوبا إليه ولذلك أَثْنَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الصحابة فقال لو وزن إيمان أبي بكر بإيمان العالم لرجح
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 3 صفحه : 160